للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فبوركت يا علي انك فنان

ضارب في الخيال ملق عنانه ... ملك الوحي قلبه ولسانه

- ٢ -

. ومن خلف عشرة عقود هبت على الوادي الأمين، أنسام المجد، تحمل في أحنائها ريح (إبراهيم)، وعطر ذكراه فوجدت بين جنبي الشاعر رئة مفتوحة تفيض بالحس، ورود تنتشي للنبوغ في القتال. كما تنتشي للتفوق في الجمال، ولنطرق صامتين لنسمع.

في كفك السيف فأحم الأهل والدارا ... وادفع به الظلم، واضرب حيثما دارا

اضرب بسيفك لا تسمع لمعتذر ... لم يترك البغي للباغين أعذارا

لم يفهموا في قراب السلم منطقه ... فجاءهم عاري الحدين بتارا

دعا بهم ورماهم عن معاقلهم ... جرحى وصرعى وأشلاء وأحجارا

والحرب شتى فنون أنت سيدها ... إن حانت السلم، أو لاقيت غدارا

وهذا هو يقف لتحية أبطال القتال في (الفلوجة) ويسائلهم في أسلوب شيق جميل عن وقفتهم الخالدة، في القرية المحصورة.

هاتوا حديث الحرب كيف تطاحنت ... لكمو منازعها، وهان عصيها

في قرية محصورة كسفينة ... في لجة هاج وماج غضوبها

لم تدر فيها الريح أين قرارها؟ ... والشمس أين شروقها وغروبها

وهكذا في كل ناحية نجده موهوباً راسخ القدم.

- ٣ -

أما شعر الفقيد بين معالم النهضة فطفرة جريئة. أحدثت روحا جديدة، لها لونها الخاص، ومذهبها الممتاز. بدت تباشيرها بظهور (الملاح التائه) وصارت ضحى فتيا قد اشتد وهجه وعلا سناه بإخراج (لياليه)؛ وإذا كان الشعر الحي: هو الذي ينبثق عن العاطفة، ملونا بظلال النفس، نابضا بتدفق الحياة، فشاعرية (علي طه) بارعة فنانة، تأتي بالصورة الدقيقة في البيت الرصين فيظن أنها تحت الباصرة مرئية واقعة، وإلا فأسبح مع الشاعر الحالم في سماواته العلى حين يقول:

<<  <  ج:
ص:  >  >>