للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصيد المرسل]

لأستاذ جليل

أبو علي أحمد شوقي لما (أصم به الناعي وإن كان أسمعا) أملي الشعور على اليراعة هذا الرثاء. وما كنت أنوي واليراعة تكتب أن أبني شعراً مطلقاً أو مقيداً أو نثراً مسجوعاً أو مرسلاً. وما كنت وقتئذ في حال تفكر أو تقصد. كتبت ما أوحى إلي، وحين تم الكلام لم أنكره. وما كنت علمت أو قرأت شيئاً مما ذكره العلامة الأستاذ العقاد والكاتب البارع المتفنن الأستاذ دريني. وما فكرت في هذا الشأن أدنى تفكير. والقريض تركته أو تركني منذ أكثر من ثلاثين سنة

قال قائلون: هذا شعر لم يقيد بالقوافي، ووجدت بحثاً في الشعر المرسل في (الرسالة) الغراء فرأيت إملاء قطع من رثائي شاعر العرب العظيم. والعربية لا تنكر تفننا في المقال، ولا تصد عن التنويع؛ فقصيد مقيد، وقصيد مرسل، وموشح وغير ذلك. ولكل مقام يقتضيه، وزيادة الخير في الفنون خير، والعالم في تبدل، والدنيا تطير. وإذا تفنن قائل أو أبدع وأجاد فلا تقل له (يا هذا) ضللت أو أخطأت

(شاعر العرب قضي، يا فتاة العرب، فالبسي ثوب الحداد!

وابرزي بين الملا حاسرة واندبيه.

زحزحي هذا النقاب لنرى وجه الحزين

أعرضي عن خَفَرٍ عُوِّدْتِه، فعيون القوم غرقى في الدموع

شيعي دمعك هذا قانئاً بنحيب ونشيج وعويل

وابذلي الدمع رخيصاً؛ إن من تبكين غالِ

بلبل (الكرمة) ولَّي، أين غاب البلبلُ، أين غاب البلبل؟!

غادر الطير ثكالى في حنين وأنين وشجن

زهَر (الكرمة) يبكي بدموع ظاهرات في الصباح

فنن (الكرمة) آس، لا اهتزاز، لا ارتياح، لا طرب!

بهجة زالت وجاءت وحشة، وعرا (الكرمة) حزن لا يريم!

مِدْره العُرب قضى يا فتاة العَرب، فالبسي ثوب الحداد!

<<  <  ج:
ص:  >  >>