وجدت هذه الدعوة طريقها إلى بعض الآذان، وتهمس كثير من الخدم وقبلوا أخيراً وأعلنوا الموافقة وعمد كل فريق منهم إلى سيده فشد وثاقه وأحكم قيده، ثم تفرغوا إلى الأمتعة يسلبون وينهبون ما تصل إليه أيديهم.
ولما عاد إدريس وسمع صيحات الخيانة تتردد في جنبات المعسكر، انتقى سيفه، واستعد للنزال، فاعترضه أحد الخدم وقال له:
- لا تضيع الوقت يا إدريس، فهذه فرصة قل أن تسنح. إن القراصنة عاهدونا عهداً وثيقاً أننا سنقتسم وإياهم كل ما نسلب ولم يدعه إدريس يتم حديثه فبادره بقوله:
- بماذا تنطق يا هذا؟ وماذا تريد أن تقول؟
- أقول إن الظروف قد هيأت لنا أن نسلب متاع هذا التاجر، ونختص بها دونه، وسننزل لك عن نصفها، ونشترك جميعاً في النصف الآخر. . . وها نحن أولاء قد أحكمنا قيد سيدنا؛ فلا تتردد وسارع إلى معونتنا. . .
لم يكن لدى إدريس سوى عمل واحد لإجابة ذلك الخادم، فإنه لم يكد يتم جملته حتى كان السيف قد فلق هامته، فسقط على الأرض تتفجر الدماء غزيرة منه، ثم دلف إدريس إلى إحدى الخيام فوجد سائر الخدم منهمكين في كسر الصناديق، وتفريغ الأواني الذهبية، وربطها استعداداً للرحيل، فلما وقع عليه نظرهم حسبوه قد خف لمساعدتهم، فقالوا في لفظ واحد:
مرحباً بك يا إدريس! ستكون الجمال هنا بعد قليل، فلم يمهلهم إدريس إلا ريثما لفظوا تلك