تم والحمد لله ميثاق الجامعة العربية العتيد بعد أن وافقت عليه المجالس النيابية في البلاد الدستورية والحكومات في البلاد الأخرى، فعمّ الابتهاج وشمل السرور بذلك نفوس أبناء العرب جميعاً
ولقد اقترح بعض المتحمسين جعل يوم توقيع هذا الميثاق وإعلانه عيداً قومياً عربياً تحتفل به هذه الدول في كل عام تقديراً لهذه الوحدة وتذكيراً. وحق لهم أن يقترحوا ذلك وأن يدعوا إليه وإنا لنشاركهم في هذه الدعوة. فهو عيد وأي عيد. قال عنه عزيز مصر ومليكها المفدى إنه أسعد يوم في حياته. وكيف لا نسعد به جميعاً وهو اليوم الذي وضع فيه الحجر الأساسي في إعادة بناء مجد الأمة العربية التليد، فجعل وحدتها في تعونها وتناصرها أمراً واقعاً وسياسة عملية محققة تضم شتاتها وتجمع وحدتها وتؤلف بين قلوبها وتقوى أواصر المودة والإخاء بين أبنائها. وقد أصبح من آمالها القريبة المنال إن شاء الله توحيد تشريعاتها وقوانينها بحيث تستقي جميعاً من منبع واحد وتنهل من معين واحد وترجع كلها إلى أصل واحد وتدور حول محور واحد هو ملتقى آمالها وجامع عناصر قوتها ووحدتها فتصبح بذلك أمة موحدة اسماً ومعنى، تسير بمختلف فروعها إلى غايات نبيلة واحدة وأهداف سامية واحدة مشتركة. وإن أهم ما يحقق تلك الوحدة ويجمع فلولها ويقوي أواصرها لهو توحيد الثقافة فيها ووضع البناء الذي بدأ يتكون من لبنات صغيرة مفككة على أساس من الرابطة القوية المتماسكة حتى لا يشذ طفل في رجولته المستقبلة، ولا تضل جماعة بعد ذلك اتجاهها نحو الغايات السامية والأهداف العظيمة الموحدة.
من أجل ذلك تشخص أبصارنا وأبصار رجال التربية والتعليم والثقافة في مختلف دول الجامعة إلى وزارة المعارف المصرية التي بدأت تنظم نفسها على أسس جديدة فتية، آملين أن تتجه في سياستها الحديثة إلى جمع أشتات بني العروبة في تثقيفهم وتعليمهم وتربيتهم، وأن تعمل جهدها على تقريب المسافات وتقليل الفروق بين مختلف الثقافات وتوحيد الاتجاهات في الأخذ بأساليب التربية الحديثة في مختلف معاهد العلم والتعليم في دول هذه