الجامعة الفتية. وإن خير ما تعمله في هذا السبيل أن تبدأ بالدعوة إلى مؤتمر جامع من رجال التربية والتعليم في مختلف دول العروبة يعقد في مصر لتبحث فيه الأسس التي تراعى في وضع سياسة تعليمية عامة موحدة على أساس من التفاهم والتناصر والتعاون والاتصال المستمر الدائم وتبادل المنافع والآراء العلمية بين معاهد هذه الدول الناطقة بالضاد فعسى أن يكون ذلك الخير قريباً.
لقد أحسنت هذه الوزارة في تنظيم نفسها وفروعها على أساس ثابت من اللامركزية بعد أن طال تأرجح هذه الفكرة فيها تأرجحاً كاد يودي بها. وإن خير ما في هذه الفكرة لهو إعطاء سلطة واسعة لنظار المدارس حتى تكون المدرسة كخلية مستقلة تنظم نفسها حسب ظروفها وبيئتها المحيطة بها وتوجه أبناءها إلى دراسة وافية لتنتفع بهم وينتفعوا بها وإلى تعرف مركز بيئتهم وأحوالها وكل ما يتصل بها وتعرف علاقاتهم بإخوانهم في الوطنية المصرية وأبناء عمومتهم في مختلف دول الجامعة العربية، وإلى ما تستلزمه تلك العلاقات الحديثة والقديمة من ضرورة التفاهم والتآزر والتعاون والتناصر في سبيل العمل للخير الخاص والخير العام (تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الأثم والعدوان) فإذا كانت المدرسة المصرية إلى اليوم، لا تزال مع الأسف نواة لأخراج شعب مشتت الاتجاه متباين التفكير غير موحد الثقافة بسبب تفرع التعليم في مدارسنا منذ البداية، وبسبب تشتته في المرحلتين الأوليين منه اللتين هما عماد الثقافة العامة وأساسها، وبسبب تنوع طوائف المعلمين في المعهد الواحد وتنكر بعضهم لبعض وتنافر بعضهم مع بعض وعدم تعاون بعضهم مع بعض كما أسلفنا، فقد أصبح لزاماً قد تزعمت مصر دول العروبة أن نعمل جهدنا لوضع أساس المدرسة الموحدة في المرحلة الأولى من التعليم خاصة وفي المرحلة الثانية منه عامة، وأن نبذل كل ما في وسعنا لإيجاد المعلم الموحد الثقافة المستقل التفكير الحي الضمير، ليكون دعامة قوية للأمم العربية جمعاء وعوناً لها على توحيد ثقافتها وتكاتف أبنائها والسير بهم قدماً في صفوف متوازية إلى أهداف الجامعة وأغراض الوحدة.
نعم أصبح لزاماً أن نكون المعلم تكويناً جديداً يتفق مع هذا الوضع الجديد ومقتضيات أحواله، وأن نبصره بانبثاق هذا الفجر الجديد الذي غمرنا بضيائه، وأن نوجهه التوجيه الملائم ليكون خير قدوة لأبنائه وخير حافز لهم على متابعة النهوض بالبناء الجديد. وإن