[قصة قلب. .]
للآنسة هجران شوقي
(ليست قصة قلب بعينه، ولكنها قصة القلوب جميعا تتحمل عن أصحابها فجاءة، وتعود إليهم فجاءة، ولكنها تعود من رحلتها مجرحة مهشمة، تحب وتخفق في حبها، ثم تعيش بذكرى هذا الحب، وتتغذى به طول حياتها، لا تصحب أملا أو لا تملك رجاء وإنما تصحب الألم وتملك العذاب. .)
(هجران شوقي)
جلست أمني النفس بالقمر البدر ... وقد سال فضياً على صفحة النهر
فأشرقت الدنيا بأنواره رؤى ... ورفت رفيف الثغر يهتف بالشعر
يردده لحناً فتحسبه صدى ... لأحلى نجاوى القلب في سالف الدهر
ألوف من الأحلام قد حاكها الهوى ... وألبسها أبهى المطارف والأزر
ووشحها بالشجو والحب والمنى ... وضمخها بالنور والعطر والسحر
قرأت بها ماضي فأهتز خافق ... وأفلت من صدري وطار بلا حذر
. . . إلى أين يا قلبي؟! أتهجر مضجعاً ... أراحك في حلو الحياة وفي المر
إلى أين يا ابن الحب والشعر والأسى ... أتطمع في صدي وترغب في هجري
وقد كنت لي اللحن الذي ذاب رقة ... وكنت لك المثوى البريء من الغدر
وسحت دموع من جفوني غزيرة ... كأن بدمعي بعض ما جاش في فكري
فقال ابن جنبى: إنني اليوم مزمع ... إلى حيث أدري من زماعي ولا أدري
فما الحب أن نختار أو نملك الرضا ... ولكنه ألا نقر على أمر
وأن نطوي الأيام شوقا ولوعة ... وتطوينا الأيام قهراً على قهر
وأقفر صدري لا ربيع ولا شذا ... ولا جدول يجري ولا نغم يسري
سوى أنة مكلومة ملؤها الجوى ... تردد ما بين الترائب والنحر
ومرت ليال لست أملك عدها ... ولكنها أشقى ليالي من عمري
وكان مساء لا يفيق كآبة ... رأيت به قلبي يعود إلى صدري
وجيعا تحاماه الأساة مجرحا ... كأن به عيناً على حبه تجري