للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

الوطنية

مترجمة عن الإنجليزية

تزوجت من (هانز) - وهو أحد الجنود الألمانيين - لعام واحد قبل الحرب العالمية الضروس التي أهلكت كل حي ودمرت كل شيء، بالرغم من أني فرنسية الأصل والجنس. . . وكان أول عهدي به لاقيته في معرض من معارض الفنون في (باريس) - وكان قد ذهب إليه زائرا - فلما سمعته يتكلم الفرنسية بطلاقة تحدثت إليه، فملكني حديثه العذب الفكه، وأسرني غزله المرح الرقيق، فكان ما كان، وانتهى بنا الأمر إلى الزواج بعد قليل

وتركت وطني راضية لأعيش مع زوجي (هانز) في قرية صغيرة من قرى ألمانيا. وعشت بين أحضان عائلته في سعادة ورفاهية، ورغد وبلهنية. وصار أصدقاؤه مع مضي الزمن أصدقائي، وخلصاؤه خلصائي، وأقاربه أقاربي! وما مضى على وجودي بينهم غير قليل حتى تعلمت كيف أتكلم الألمانية، وحتى كدت أنسى أنني كنت فرنسية الجنس واللغة في يوم من الأيام. ونقلني (هانز) بما حباه الله من قوة وسحر إلى دنياه فذقت لذة الهناء، وحلاوة الصفاء، ومتعة الحب

ولكن هذا النعيم لم يدم طويلا وا أسفاه! فقد أعلن لي (هانز) في يوم من الأيام - وقلبه يفيض فرقا - أن ألمانيا قد أعلنت الحرب على أعدائها، وأنه سيسافر إلى ميدان القتال لأن اسمه قد درج بين أسماء المحاربين هناك. . . ثم رجاني أن أعود إلى (باريس) - في الوقت نفسه - خوفاً من أن تجد ظروف تحول بيني وبين ذلك. وقد كان (هانز) - بالرغم من كل ذلك - على يقين من أن الحرب لت تستمر أكثر من ثلاثة شهور على أكثر تقدير، وأنه سيعود إلى بعد ذلك. . .

وأحسست بعد ان أفقت من صدمة هذا النبأ الفاجع، وهول هذا الخبر المؤلم - أن حبي لزوجي (هانز) أقوى وأعنف بكثير من حبي لوطني (فرنسا)! وشعرت أن كل ما هو حبيب إليه أحب إلى نفسي من كل ما سواه، وأن كل ما هو عزيز عليه أعز على قلبي من كل ما عداه. ومن أجل ذلك أهبت بنفسي أن أكون ما حييت فداء لهانز وللقيصر ولألمانيا. . . متحملة في سبيل ذلك ما قد ينتابني من الألم أو يمسني من السوء. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>