لأستاذنا الكبير (ا. ع) فضل في أقوال الكتاب والشعراء من التعابير
الدخيلة في اللغة الغربية. وهو يخصني بالعناية فيتناول كلامي بالنقد
من حين إلى حين، وإن كان في يأس من إصغائي إليه في كل وقت،
لأني أرى من حق الكاتب أو الشاعر أن يدير التعبير كيف يشاء، وفقاً
للصورة التي تتمثل في ذهنه وهو يساور بعض المعاني ولأغراض
ومن أغلاطي عند عبارة (من جديد) وهي كثيرة الدوران في كلامي، ويرى أستاذنا (ا. ع) أنها (من التعبيرات التي تسربت حديثاً إلى لغتنا، فتداولها الكتاب من غير تمحيص، ولا وزن لصحتها اللغوية، ولا لصلاحيتها لأن تندمج في الأساليب الفصيحة وتغدو جزءاً منها) ثم قال: (وما كنت أتوهم قط أنها تصل يوماً إلى أقلام البلغاء) وبعد أن رجح أنها (من التراكيب الإفرنجية الكثيرة التي شوهتها الترجمة السقيمة) تلطف فقال: (أفلا يرى معي حضرة الدكتور أنه يجدر بنا أن نحارب هذه الطفيليات في لغتنا، وأن نقضي عليها قبل أن يستشري فيها شرها؟)
واتفق أن صرفتني الشواغل عن الجواب فكتب الأستاذ بعد ذلك بأسابيع كلمة يقرر فيها أن عبارة (من جديد) لن تقتلع من اللغة إلا بعناء، وفوض أمره وأمر اللغة إلى الله!
فما رأي أستاذنا (ا. ع) فيمن يخبره أن اللغة العربية عرفت هذا التعبير قبل أكثر من تسعة قرون؟ ما رأيه في قول ابن رشيق وهو من أقطاب الأدب العربي:
قد أحكمتْ من التجا ... ربُ كل شيء غير جودي
أبداً أقول لئن كسب ... تُ لأقبضنّ يَدَيْ شديد
حتى إذا أثريتُ عُدْ ... تُ إلى السماحة من جديد
أيراني أجبتُ؟ إن لم يقتنع فسأرجع إلى مصاولته من جديد وإن اقتنع فأنا أنتظر منه جائزة سنية على هذا الجواب، والسلام