في (تاريخ الطبري): قام الدهقان (في المهرجان في بلخ سنة ١٢٠) خطيباً فقال: أصلح الله الأمير (يخاطب عامل خراسان أسد بن عبد الله القسري): إنا معشر العجم أكلنا الدنيا أربع مائة سنة، أكلناها بالحلم والعقل والوقار، ليس فينا كتاب ناطق، ولا نبي مرسل. وكانت الرجال عندنا ثلاثة: ميمون النقيبة أينما توجه فتح الله على يديه، والذي يليه رجل تمت مروءته في بيته، ورجل رحب صدره، وبسط يده فرجي. وإن الله جعل صفات هؤلاء الثلاثة فيك أيها الأمير، وما نعلم أحداً هو أتم كتخدانية منك. إنك ضبطت أهل بيتك وحشمك ومواليك. فليس منهم أحد يستطيع أن يتعدى على صغير، ولا كبير، ولا غني ولا فقير، فهذا تمام الكتخدانية ثم بنيت الإيوانات في المفاوز فيجئ الجائي من المشرق والآخر من المغرب فلا يجدان عيباً إلا أن يقولا: سبحان الله! ما أحسن ما بنى! ومن يمن نقيبتك أنك لقيت خاقان وهو في مائة ألف فهزمته وفللته. وأما رحب صدرك وبسط يدك، فإنا ما ندري أي المالين أقر لعينك: أمال قدم عليك، أم مال خرج من عندك؟ بل أنت بما خرج أقر عينا. فضحك أسد وقال: أنت خير دهاقين خراسان، وناوله تفاحة كانت في يده
٥٢٩ - سبب ذلك التباين تفاضل القرائح
في (الوساطة) للجرجاني: قدم مكة أيام مقامي بها شيخ بدوي من بني عامر بن ربيعه يدعى مُطرِّف بن سفيان فأنشدنا قصيدة مدح بها جعفر بن محمد الحسني، وجدتها متنافرة الأبيات بين عين نادر، ومتوسط متقارب، وضعيف ساقط، فكنت كالمتعجب لما أراه من اضطرابها وظهور تفاوتها. وامتحنت الشيخ فوجدت شعره إلى الضعف ما هو. فبينما نحن كذلك إذ أتانا بعض أصحابنا فسألناه عن العامري فأثبته معرفة، وذكر أنه حضر الحي وقت تأهبه للوفادة فرآه في نادي القوم وقد جمع فتيان الحلة فقال: إن شيخكم يريد امتداح هذا الشريف بمكة فزودوه، فزوده كل منهم البيتين والثلاثة، ثم نظمها قصيدة، وإذا سبب ذلك التباين تفاضل القرائح واختلاف الأفكار والهواجس