فوجئ قراء الرسالة منذ أيام بخبر زواج الأديب لكبير الأستاذ (د). عندما طلع عليهم بأغرودته التي جعل عنوانها (بلبلتي). فوجب على المعجبين بأدبه أن يتقدموا إليه بهدايا العرس، وكاتب هذه الكلمة واحد من هؤلاء المعجبين شعر بهذا الواجب فنهض لتنفيذه على الطريقة التي تتفق مع جهده. فهو يتقدم - على استحياء - بهذه الكلمات. وليسعد النطق إن لم تسعد الحال. . .
أذكر أني بعد أن خطبت زوجتي جلست إلى نفسي وقلت:
(اسمع يا فتى. . . ما أكثر أن تسمع الأزواج يشكون من زوجاتهم، وما أقل أن تجد من هو راض عن حالة زواجه! فهذا يشكو شدة غيرة زوجته عليه حتى إنها لتفتش جيوبه سراً كلما عاد من محل عمله لعلها تجد فيها رسالة تكشف عن سر مستور، أو ورقة تنم عن علاقة غير مشكورة. . .
وهذا يشكو شدة رقابة زوجته عليه حتى أنه لا يكاد يصل إلى مكتبه في محل عمله ساعة الصباح، وتعلم زوجته أن قد انقضت الدقائق العشر التي بين البيت والمكتب حتى تنهض إلى (تلفونها) تطلبه لتتمم عليه خشية أن يكون قد انصرف مبكراً إلى غير عمله. . .
وذلك يشكو من استعداد زوجته المدهش في إثارة الشكوك حول كل ما يعمل حتى ما ينقطع بينهما الجدال والشجار بسبب (سوء التفاهم) الذي تثيره دواما بارتيابها وعدم وثوقها فيه. . .
وذلك يشكو من أنه لا يكاد يقضي ساعة أو بعض ساعة مع إخوانه في جلسة مسائية هنيئة ثم يعود إلى بيته من بعدها راضياً منشرح الصدر حتى يلقى من عنت زوجته وعتابها له على أنه تأخر في هذا المساء عن موعده المعتاد ما يطارد من رأسه كل أثر من نشوة السرور التي أفادها في تلك الجلسة فما تلبث أن تنقلب نشوته إلى ثورة، وانشراحه إلى انقباض. ويبيت مهموماً كئيباً بعد أن كان يمني النفس بليلة سعيدة كلها بشر واغتباط).
استعرضت تلك الصور جميعها أمام عيني وعدت أقول لنفسي: