مياه الآبار في القاهرة مشربة بالملوحة، فيجلب السقاءون الماء من النيل للسكان متعيشين من هذه المهنة. وكذلك يجلبون الماء من الخليج الذي يشق العاصمة أثناء الفيضان، أو بالحرى مدة الشهور الأربعة التي تعقب هذا الخليج. ويجلبونه من النيل في غير ذلك الوقت، وهم ينقلون الماء في مزادات من الجلد على الجمال والحمير، وقد يحملونه على ظهورهم في قرب صغيرة لمسافة قريبة (أنظر شكل رقم ٥٧) ويطلق على المزادة التي يحملها الجمل لفظ (ري) والري زقان واسعان من جلد البقر. ويسمى ما يحمله الحمار (قربة) وتكون من جلد الماعز. ويحمل السقاء كذلك قربة من جلد الماعز إذا لم يملك حماراً. ويسع الري ثلاث قرب أو أربعاً. ويصيح السقاء عادة:(يعوض الله) فيدل هذا الهتاف على مروره. ويكاد أجر السقاء على القربة التي يحملها ميلاً ونصف ميل أو ميلين، لا يتجاوز أكثر من مليمين
ويوجد أيضاً سقاءون يزودون المارة بالماء. ويسمى بعضهم (سقا شربة)(شكل ٥٨)، ويحمل هؤلاء قربة ذات أنبوبة نحاسية طويلة ويصبون الماء للظمآن في طاس نحاسي أو قلة من الفخار. وهناك طبقة كثيرة العدد تمتهن الحرفة نفسها ويسمى الواحد منها (حمليا)(شكل ٥٩) وأغلب هؤلاء دراويش من الرفاعية أو البيومية، وهم معفون من ضريبة الفردة. ويحمل الحملى على ظهره إبريقاً من فخار رمادي يبرد الماء، ويحمل أحياناً قلة من الماء المعطر بماء الزهر المقطر من زهر النارنج، ليقدمه إلى أفضل عملائه. وكثيراً ما يضع في فوهة الإبريق غصناً من النارنج. ويتناول الحملى من أفراد الطبقتين العليا والوسطى قطعة فضة إلى خمس فضة. ولا يتناول من الفقراء شيئاً أو يتناول منهم قطعة خبز أو أي طعام آخر يضعه في جراب يعلقه على جانبه. ويصادف المرء كثيراً من