[زهرة في مستهل الربيع]
للأستاذ محمود الخفيف
قد بعثْتُ القديم من أحلامِي ... إذ تَبَسَّمْتِ للربيع الجديد
يا ابنْةَ الصبح قد ثكلْتُ غرامي ... وتأسَّيْتُ من زمان بعيد
ما لهذا النّدَى يزيد أوامي ... ويُثير الجوى بقلبي الشهيد!
فيم أحْيَيْت بابتسامك وجدي ... يا عروس الربيع رفقاً بقلبي
كيف أصبْو إلى جمالك وحدي ... أيُّ حُسنٍ يخالج اليوم لبي؟
يتساوى القتاد والزهر عندي ... وتناسيَّ ماضي العيشَ حسي
يوجعُ النفس أن ترى اليومَ حُسناً ... كان بالأمس من بهيجِ رواها
تنظرُ العين لا ترى فيك معنىً ... من معاني الجمال إلا شجاها
أغنْيِات المنى تألفن لحناً ... صارَ للنفس من صميم أساها!
صوّرَت لي كآبة العيشْ حولي ... عند لقياكِ كلّ معنى كئيبِ
ذائب الطل ليسَ عِنْدِي بِطَلٍّ ... هو سَحُّ الجفون عند النحيب
وكأنّ الزمان مسَّكِ مثلي ... بالضنّى كفهُ وبالتعذيب
إنَّ هذا النّماَء يوحي لنفسي ... صوراً هُن من نسيج الفناء
سَوْفَ يُطوَى بهاؤه حين يمسي ... يوْمَكِ الضاحكُ المديد الضياء
كلما زاد قلَّ رونق أمسْي ... يا لموْتٍ رأيته في النَّماء!
هكذا يا ابنْة الربيع حياتي ... غير أني معذَّبٌ بشعوري
حائر النفس بين ماض وآت ... غاب في لُجَّةِ الزمان حبوري
سوْفَ تطوي يد المنية عمري ... بعد أن يُطفئ الزمان شبابي
لِلوَنى والنحولِ في الدهر سيْري ... لا ترى العينُ غيرَ لمع السراب
فسواء صبرْتُ أم رثّ صبري ... وسواء مسرَّتي واكتئابي
فيكِ رمز لكل ما هو فانٍ ... عابر لن يقيم إلا قليلا
يا عروس الربيع كم من معان ... فيكِ زادت غليل قلبي غليلا
يا لقلبي ما طارقات زمان ... لم تذَر لي في الكون معنىً جميلا