للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أنتِ كالعيش فتنة وغرور ... وأمانيُّ كلها للنَّفاد

أنتِ كالحب نشوة وفتور ... ورُؤى تَمَّحى بلا ميعاد

لمع كلهن مَيْن وزور ... الليالي لهنَّ بالمرصاد

خيلت لي عيناي صورة أنس ... برهة ثم خيلت لي ثبورا

ورأى القلب فيكِ موحش رَمْسٍ ... يضحك الزهر فوقه منثورا

لَسواء زينت ساحة عرس ... يا ابنة الصبح أم كسوت القبورا

موْتكِ الباكر المحتم يوحي ... لفؤادي الهموم من كل جنس

كم صبي كالزهر غض صبوح ... كالرياحين عوده طيب غرس

ناعم كالملاك رقة روح ... موته يوجعُ القلوب ويؤسي!

كم فتيٍّ في ضحوة العمر ولى ... مثلما متِّ، نابهٍ عبقريِّ

ومحيا من ضاحك الزهر أحلى ... قد محاه الفناء قبل الذُّوِيِّ!

كنت ألقاك في الربيع فألقى ... ألف معنى في سحر ذاك الشباب

يمعن الحس عند مرآك عمقاً ... فأرى الروح من وراء حجاب

وكأني والقلب يسجد خفقاً ... هيكل ليس ينتمي للتراب!

ينجلي فيكِ والزمان نضير ... ومعاني الربيع تملأ نفسي

أمل ضاحك وعيش غرير ... وطيوف تثير كامن حسي

كان لي منك في الصباح بشير ... وأنيس إن غاب طائر أنسي

يا ابنة الصبح كم رأى الصبح مني ... نظرات المتيم المسحور

من بنات الهديل أقبس لحني ... حبذا السجع في صفاء البكور

وسطور الرياض تبهر عيني ... فأملي بوشيهن سطوري

كان هذا الزمان حلماً تقضى ... أي حلم خياله لن يزولا

أي حسن يبقى على الأرض غضاً ... آية الحسن أنه لن يطولا

كم قطعت الرياض طولا وعرضاً ... فرأيتَ النماء ثم الذبولا

يا ابنة الصبح قد ذكرت زماني ... حين أومأت في رواء بديع

كل شيء بعثت إلا الأماني ... أفلا كنت مثل هذا الربيع؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>