وكان للملك ديوميديز، ملك تراقيه، يقتني مجموعة طيبة من خيول السباق التي لا يشق لها غبار، ولا تباريها خيول في مضمار؛ ولكنها لم تكن كهذه الخيول التي يقتنيها الناس، بل كانت بالوحوش أشبه، والى السباع أقرب، لأنها لم تكن تذوق الحشيش ولا تُسيغ النبات، بل بالعكس، كانت لا تأكل إلا اللحم تنهشه نهشاً. .
وكانت تأبى لحم الحيوان والبهائم، وتستطيب لحم الإنسان وتستلذه، ولم يكن الملك القاسي يبخل عليها به. ولكي يوفر لها هذا الغذاء الغريب، أصدر أمره بالقبض على كل أجنبي تطأ قدماه أرض البلاد بدون إذن من الملك! فلما نمى الخبر إلى يوريدوس، أرسل هرقل لمعاقبة ديوميديز ولتخليص الناس منه ومن خيوله
وشد هرقل رحله إلى أرض تراقيه، ودخلها غير مستأذن ولا مستأنس، فلما سأله ديوميديز في ذلك، انقض عليه كأنه الحتف، واقتلعه من عرشه كأنه نبتة ومضى به إلى خيوله فألقاه إليها. . .
وانقضت الخيول على الملك فمزقته تمزيقاً، واغتذت بلحمه الملكي الفاخر!! وطرب الشعب لتخلصه من حاكمه الظالم، ونثر الورد والريحان تحت قدمي هرقل، ومضى البطل فألجم الخيول كلها، وساقها هدية غير مبرورة إلى يوريذوس!!
٨ - منطقة هيبوليت مليكة الأمازون
وكانت ليوريذوس ابنة ذات كبرياء وذات خيلاء، مشغوفة باقتناء الحلي والجواهر النادرة، تضحي في سبيلها بسلام المملكة وأرواح البرايا، إذا اقتضت الحال حرباً من أجل ياقوتة أو زبرجدة!!
وكان أبوها الأفين يلبي رغباتها ولا يكاد يرفض لها أمراً، فلما وصفت لها منطقة هيبوليت،