للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[القبائل والقراءات]

للأستاذ عبد الستار أحمد فراج

- ٤ -

يرجع السر في أن قبيلة تميم نالت قسطا كبيراً من عناية الرواة وغلب ذكرهم لها ومعرفة الكثير مما انفردت به إلى أنها كما قدمت في مقال سابق كانت تسكن جانب نجد المجاور للعراق.

ومعلوم لنا أن التنافس العلمي والسبق فيه كان ميدانه البصرة والكوفة المواجهتين لصحراء العراق حيث يخرج منهما - وعلى الأخص البصرة - العلماء والمتأدبون إلى البادية ليأخذوا اللغة من أفواه أربابها الذين لم تفسدهم العجمة. وكان إليهما يقصد الراغبون في رواية الشعر ومأثور القول وضبط اللغة وغربيها على أعلام شيوخهما كأبي عمرو وأبي عبيدة، والأصمعي وأبي زيد، وخلف وحماد، والمفضل الضبي وابن الأعرابي، وغير هؤلاء وأولئك ممن كانت لهم في العربية وعلومها قدم راسخة فلا عجب أن كانت تميم - وبطونها كثيرة - هي أول ما يروي لها ويؤخذ عنها. يضاف إلى هذا ما قدمته في المقال الأول من أن البصرة والكوفة قد شملتا في مبدأ إنشائهما عددا كثيرا من تميم، وهذه من تكملة ما خالفت فيه غيرها وبخاصة الحجازيين:

١ - (عسى) من أفعال المقاربة تستعمل تامة بمعنى أن ما وليها يعرب فاعلا لها وذلك إذا ما جاء بعدها (أن والفعل) كقول الله تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم).

وتستعمل ناقصة بمعنى أن يكون لها اسم وخبر مشبهة (كان) في العمل وذلك إذا ما جاء بعدها اسم ظاهر أو اتصل بها الضمير فيعرب اسماً لها، وبعده (أن والفعل) فيعرب خبراً لها كقول الله تعالى (عسى الله أن يأتي بالفتح). إلا أن أهل الحجاز لا يلحقون بعسى الضمائر ولا التأنيث. يقولون: هند عسى أن تقوم والمحمدان عسى أن يقوما، والمحمدون عسى أن يقوموا. . .، لذلك تعتبر عندهم في مثل هذا التركيب مكتفية بفاعلها غير محتاجة لخبر. أما التميميون فيلحقون بها التأنيث والضمائر يقولون: هند عست أن تقوم والمحمدان عسيا. . . والمحمدون عسوا. . .، فتكون في مثل تركيبهم هذا ناقصة. وإذن فتميم

<<  <  ج:
ص:  >  >>