للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تستعملها ككان الناقصة دائماً، وأهل الحجاز لا يجعلونها كذلك إلا في حالة ما إذا تلاها اسم ظاهر وبعده (أن والفعل).

والقرآن الكريم في أغلب قراءاته لم تقع فيه الضمائر مع عسى إلا في موضعين (قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا) و (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض) وقرأ عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب (لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراُ منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن) بالإضمار فيهما على لغة تميم (عسوا أن يكونوا عسين أن يكن. . .).

ثم إن عسى فيها لغتان: (أ) أن تكون على وزن سمى، (ب) أن تكون على وزن لقي. غير أن الثاني منهما هجر استعماله على إطلاقه واقتصر فيه على اتصاله بتاء الفاعل أو نون النسوة أو (نا). ومن العجب أن أبا حيان في البحر نقل عن أبي بكر الأذفوي وغيره قولهم: إن هذا الكسر لغة الحجازيين. وقد رأينا أن ذلك لا يكون إلا حين الاتصال بالضمائر السابقة وأن الحجازيين لا يلحقونها فإذا صح ما نقله أبو حيان عن الأذفوي يكون إلحاقهم الضمائر بعسى منتقلا إليهم من تميم إذ الأصل في الاستعمال ما قدمته نقلا عن تفسير أبي حيان نفسه وعن الأشموني وليس استعمال قبيلة للغة قبيلة أخرى بالأمر البعيد وعلى الأخص الحجازيين الذين خالطوا كل القبائل واقتبسوا من لغاتهم ما راق لهم. ومواسم الحج وأسواق العرب المشهورة لها أكبر الأثر في تقارب اللغات وتفهم الألفاظ والتراكيب المنتشرة بين القبائل المختلفة. قال أحمد بن فارس بعد أن تكلم في كتابة الصاحبي على اختلاف لغات العرب ما يأتي: (وهي وإن كانت لقوم دون قوم فإنها لما انتشرت تعاورها كل).

هذا وقد قرأ نافع المدني (عسيتم) في موضعيها السابقين بكسر السين وقرأ الباقون بفتحها.

٢ - في اسم الإشارة المفرد للمذكر لا تلحق به تميم اللام في حالة البعد بل تلحق به كاف الخطاب فحسب. لكن الحجازيين يلحقون به اللام مع الكاف. فعند تميم (ذاك وتيك) للبعيد وعند الحجازيين (ذلك وتلك) ومن هذا يتبين لنا أن بعض النحاة حين يقولون. هذا للقريب، وذاك للمتوسط وذلك للبعيد، فيه خلط بين لغات القبائل إذ وجدوا صيغا ثلاثا فعللوا لها وفرقوا بينها. ونحن إذا لاحظنا مثلا كلمة (ذاك) في إشارتنا نجدها أوضح في البعد من

<<  <  ج:
ص:  >  >>