للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

(ذلك) لما فيها من إطالة لحرف المد وافية بالغرض. وما تزال المهملة في الإشارة البعيدة للمذكر، و (ديك) للمؤنثة البعيدة. والواقع أن الشيء إما قريب منك حسا أو معنى، أو بعيد منك كذلك. وفي اللغة الإنجليزي وفي الفرنسية

ومما يلحق بهذا أيضاً (هناك وهنالك)، فالحجازيون هم الذين يلحقون اللام وتميم لا تلحقها جريا على قاعدتها من أنها لا تلحق اللام. وكذلك أولاء يمدها الحجازيون غير أنهم يلحقون بها الكاف فقط في حالة الإشارة إلى البعيد، وتميم تقصرها وتلحق بها الكاف أما قبائل قيس وأسد وربيعة فإنها تقصر أولاء كتميم لكنها تلحق بها اللام مع الكاف، وقد ورد على لغتهم:

أولا لك قومي لم يكونوا أشابة ... وهل يعظ الضليل إلا أولا لكا

ومما يلحق بهذا أيضاً أن تميما لا تقول (هذه) في وصل الكلام وإنما تقول (هذي) فاذا وقفوا قالوا (هذه)، أما الحجازيون وقيس فيقولون (هذه) في الوقف والوصل. ولم يرد في القرآن الكريم استعمال (هذي ولا ذاك، ولا تيك ولا هناك، ولا أولا لك ولا أولاك) بل كل ما جاء فيه على لغة الحجازيين (إن هذه تذكرة)، (وذلك هو الفوز العظيم)، (الك الرسل)، (أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون)، (هناك الولاية لله الحق).

ويضاف إلى ما تقدم أن قبيلتي تميم وقيس تقولان (ها هِنَّا) بكسر الهاء وتشديد النون وغيرهما بضم ففتح بدون تشديد.

٣ - (إما) التي للتفصيل تنطقها قبائل تميم وأسد وقيس بفتح الهمزة، ففي مثل (أنت كريم وإما بخيل) يفتحون همزتيهما وبعض منهم يقلب ميمها الأولى مع ذلك ياء. وقد روي لرجل من عبد القيس يقال له سعد وكان عاقا لأمه:

يا ليتما أمنا شالت نعامتها ... أما إلى جنة أما إلى نار

وروي أيضا (أيما إلى جنة أيما إلى نار).

فاذا استعملت تميم (أما) الشرطية المفتوحة الهمزة قلبت ميمها المدغمة الأولى ياء. ويبدو أن الشعراء في صدر الإسلام كانوا - تظرفا منهم أو لانتشار اللغات - يقحمون لغة قبائل أخرى ليسوا منها لشهرتها بين العرب ومعرفتهم لها، لذا نجد عمر بن أبي ربيعة وهو حجازي يروي بيته الآتي على لغة تميم:

رأت رجلا أيما إذا الشمس عارضت ... فيضحى وأيما بالعشي فيخصر

<<  <  ج:
ص:  >  >>