للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فلسفة التاريخ]

مقدمة

الفلسفة هي محاولة إيجاد قانون واحد شامل ينتظم الكون بأسره وتخضع له جميع الحوادث. فالعلوم تبحث عن الجزيئات والفيلسوف يستخرج من جزيئات العلم كليات الفلسفة.

وقد حاول الكثيرون أن يبحثوا في التاريخ من ناحيته الفلسفية وكدوا أذهانهم في البحث عن سبب واحد يعللون به جميع حوادث التاريخ وتطوراته من يوم ولد إلى يوم يموت فوصلوا إلى نتائج مختلفة وأسباب متشعبة.

التفسير الاقتصادي للتاريخ

كان من بين النظريات التي اهتدى إليها البحث نظرية (التفسير الاقتصادي للتاريخ) ومن أكبر دعاتها الفيلسوف الاشتراكي كارل ماركس. وخلاصة هذه النظرية أن العوامل المادية كانت دائما الدافع الأول والمباشر لكل حوادث التاريخ فالإنسان الأول لم يلجأ إلى تكوينالجماعات إلا ليسهل على نفسه سبل العيش، والجماعات لم تنقسم إلى دول وشعوب إلا لاختلاف مصالحها الاقتصادية ونشوء الدول وتطورها وسقوطها يرجع إلى أسباب اقتصادية بحتة والحروب والغزوات والهجرات لم تقم إلا على أسباب مادية خالصة.

ولأصحاب هذه النظرية شواهد تاريخية كثيرة تسند رأيهم وتعزز قولهم فالانقلاب الصناعي الذي حدث في أوروبا في القرن الثامن عشر كان له أكبر الأثر في تطور الشعور الديني عند مختلف الطبقات، وقد انتهى بضعف النزعة الدينية وتقوية شوكة الإلحاد. والحرب الأوربية الكبرى عام ١٩١٤ أقرب مثال لتأثير التطور الاقتصادي في تيار السياسة ومجراها. خرج الرجال إلى ميادين القتال فبرز النساء إلى ميادين العمل يملأن المصانع بأيديهن العاملة ويقمن بالحركة التجارية على أكمل وجه وقد قل بذلك اعتماد المرأة على الرجل، وتغير موقفها الاقتصادي نحوه فطالبت بحق التصويت. وسرعان ما احتلت مقعداً بين النواب بل وارتقت إلى كرسي الوزارة. وقد كان لهذا الانقلاب الذي طرأ على مركز المرأة الاجتماعي أثر كبير في تغيير القوانين والآداب والفنون وجميع المرافق الأخرى التي قد تبدو عديمة الاتصال بالحالة الاقتصادية. وهكذا تم تحرير المرأة عندما قل اعتمادها

<<  <  ج:
ص:  >  >>