الاقتصادي على الرجل ولم تكن لتحصل على هذه الحرية بتأثير كتابات أفلاطون وجون ستيوارت مل وغيرهما ممن ذاد عن حرية المرأة ودافع عن كرامتها. وكانت الطهارة والعفاف من فضائل المرأة الكبرى التي فرضها عليها الرجل حينما كانت تعتمد عليه، وكان تفريطها في عرضها جريمة كبرى في نظر الرجل لا تقاس بها جرائمه التي يرتكبها في هذا الاتجاه مهما كانت جليلة خطيرة، فلما تحررت المرأة قلت مسئوليتها عن عفافها وكادت تساوي مسئولية الرجل.
والواقع أن كثيرا من آدابنا العامة وفلسفتنا الخاصة يخضع لتأثير العوامل الاقتصادية كل الخضوع فالقناعة والرضا بالأمر الواقع والتواضع والخنوع فضائل إرتآها الأغنياء للفقراء وفرضوها عليهم فرضا فاتخذوها هؤلاء على مر الزمن مبادئ ثابتة لهم تحت تأثير سلطة الأغنياء وبدافع ما يسميه ماكدوجل (الشعور بالذات السلبي) - وهو شعور عكسي يدفع المرء لا إلى التغلب على غيره بل إلى الاستكانة والخضوع.
التفسير المادي للتاريخ
ومن الباحثين من كان تحت تأثير الفلسفة المادية فأرجع التاريخ إلى أسباب مادية، وإن تكن غير اقتصادية (والمادية في الفلسفة معناها أن جميع ظواهر العقل والفكر إما طبيعية أو ترجع إلى أسباب طبيعية) ومن هؤلاء بكل الذي يقرر أن المناخ هو العامل الأكبر في تقلبات الحوادث فالحضارات القديمة إنما نشأت في الجهات الحارة مثل مصر والهند وآشور وغيرها لسرعة نمو النباتات في تلك البلاد وسهولة العيش تبعا لذلك وكلما ارتقى الإنسان في سلم التطور انتقلت مراكز حضارته إلى البلاد الباردة. ويعزز لك سير المدينة شمالا من مصر إلى بلاد اليونان والرومان إلى أواسط أوربا وإنجلترا والسويد والنرويج حيث هي اليوم. ومن هؤلاء أيضا فرويد الذي يرى إن العلاقات الجنسية هي أساس كل ما يصدر عن الإنسان من حركات وأعمال. فنحن إذن نستطيع أن ننظر إلى التاريخ من عدة نواح مادية (أي طبيعية) ولكنها ليست اقتصادية ولا تتفق مع تفسير ماركس للتاريخ. ونظرية التفسير المادي للتاريخ تختلف إذن كل الاختلاف عن المادية في الفلسفة ولابد من فصل الواحدة عن الأخرى.