للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الغرض من التربية في المدرسة الإنجليزية]

للأستاذ محمد عطية الأبراشي

المفتش بوزارة المعارف

الغرض من التربية الإنجليزية تهذيب الخلق وتربية الروح والعقل والجسم، مع المحافظة على الاستقلال الشخصي لكل فرد من الأفراد. ولا يُقاس النجاح في التعليم بإنجلترا بمقدار ما يعرف التلميذ من المواد الدراسية فحسب، ولكنه يقاس كذلك بما يستطيع أن يفعله وبمقدار استعداده للعمل. فعلى هذه الأسس الثلاثة وهي: العلم، والقدرة على العمل، والاستعداد للعمل - يقاس النجاح في التعليم بإنجلترا. ومع أن عدد المتعطلين هناك قد بلغ نحو ثلاثة آلاف ألف عامل، وعدد المتخرجين في المدارس كل سنة يبلغ نحو ٢٥٠ ألف شاب لا تجد فرداً واحداً يقول: أغلقوا المدارس، ولكنك تجد من يقولك أطيلوا مدة الدراسة، وافتحوا موارد العلم لطلابه، فبغير نور العلم لا تزدهر نهضة، وبغير المدارس لا تعتز أمة. والحياة العملية مفتوحة أمام الجميع.

وإذا ترك الطالب المدرسة وكان عالماً قادراً على العمل، مستعداً لأن يعمل، فلا خوف عليه في هذه الحياة. وما المدرسة إلا عالم مصغر، فالحياة المدرسية الإنجليزية صورة من الحياة العالمية الخارجية، تُعد التلميذ للحياة الاجتماعية التي تنتظره، فيخرج من المدرسة عالماً بشؤن الحياة، يحاول أن يعرف نفسه، ويعرف العالم الذي يعيش فيه، عاملاُ بما علم، مستعداً لأن يعمل أي عمل تصل إلى ذروة العلا. يعيش الشاب في عالم الحقيقة لا عالم الخيال، ولا يضيره أن يظهر صغيراً في عمله في بدء الأمر، بل يعمل ويثابر، ويخطئ ويصيب، ويجتهد حتى يصل إلى الكمال أو ما يقرب منه

وإذا تمثلت الروح العسكرية في التربية الألمانية، وظهرت الروح التعاونية في التربية الأمريكية، فتربية الشخصية المستقلة تتمثل في التربية الإنجليزية

وإن روح التعليم في إنجلترا مؤسسة على دراسة الطفل والتفكير فيه، وفي شخصيته ومستواه، وتقديمه على سواه؛ أي مؤسسة على التضحية بكل شيء في سبيل النهوض به فالطفل هو مركز التعليم، وهو النقطة الرئيسية التي يعني الجميع بها، وهو الذي يضحي من أجله بكل شيء. ولئن عني الأسبرطيون قديماً بالقوة الجسمية والتربية العسكرية، واهتم

<<  <  ج:
ص:  >  >>