للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[فصول ملخصة في الفلسفة الألمانية]

١٢ - تطور الحركة الفلسفية في ألمانيا

فرديريك نيتشه

للأستاذ خليل هنداوي

حاسته الفنية

لم يكن نيتشه مفكراً فحسب، بل كان فناناً ذا حاسة فنية عميقة، يدل على ذلك ميله خلال طفولته الأولى إلى الموسيقى وعشقه لأربابها. وهل كان إلا غرامه بها الذي جعله ينظر إلى (فاجنر) كمثل أعلى لموسيقى عصره؟ وقد انكب على تلقن أصولها ومبادئها في صباه الأول، ودفعته حاسته إلى نظم بعض المقاطيع الموسيقية. وما هي إلا خطوة واحدة لو خطاها نيتشه لأشرف على عالم غير عالمه، ولأشفى على وجود قد يبدل كل أفكاره وكل آرائه. وهو يقول عن نفسه (لو لم ترجح كفة التفكير عندي لكنت الآن موسيقياً!) على أن ذوقه الموسيقي لبث حياً في طوايا نفسه. يرتاح للموسيقى أينما صدحت، ويغيب في عوالمها حيث تفتحت عوالمها. وهو أكثر ما يطمئن لتلك العوالم الفنية المظلمة التي تذهل فيها النفس وتدرج إلى أعماقها حيث يلتقي الفيلسوف والفنان. وقد يؤاخي هذه الحاسة - عنده - حاسته الشعرية. فهو شاعر بالفطرة، يبدي آراءه الفلسفية بطريق الشعر؛ وله في الشعر جولات صادقة تدل على فن عميق وابتكار رائع. وهو وان صدف عن عالم الشعر فإن حاسته الشعرية لم تخمد، بل ظلت تعاوده في كل ما كتب وسطر. وإنشاؤه يغلب عليه الشعر والعاطفة. لا يرى قارئه في تأملاته عقل نيتشه وحده، وإنما هو واجد كل كيانه يفكر ويكتب، يطلع عليك بوجوده كله لا بفكره وحده

الانعتاق

تكاد تكون تفاصيل حياته الشخصية محدودة. فهو قد ولد عام (١٨٤٤) في (روكن، حيث كان أبوه قسيساً. وقد تيتم في الخامسة من عمره. فأتم دروسه الثانوية وتوجه إلى الدروس العالية. وبينما كان يتهيأ للموضوع الذي ينال به (الدكتوراه) في (ليبزيج) دُعي ليكون أستاذاً في جامعة (بال) وقد مُنح (الدكتوراه) بدون أن يعرض موضوعه

<<  <  ج:
ص:  >  >>