تكلمت في المقال السابق عما أراه يحاك للأزهر مما ظاهره أنه توسع في التعليم وتشعب في الثقافة وإني لا أعتب على القائمين بشئون التعليم أن يفكروا مثل هذه التفكير ويتجهوا مثل هذا الاتجاه، فلهم في هذا بعض العذر أمام وقوف الأزهر وعدم مسايرته للتطورات الحديثة في الدراسات وطرقها، وإنما أعتب العتب كله على رجال الأزهر أنهم لم يرسموا لأنفسهم نهجا من الإصلاح يسيرون عليه. ولا يكفي أن يفكروا فيه في غدوهم، ورواحهم وأن يكون شغلهم الشاغل كما ذكر الأستاذ دنيا ما دام يظهر لهذا التفكير وهذا الشغل أثر ينم عليه.
ولقد بدأ الأستاذ المراغي عليه رحمة الله الإصلاح ورسم له من الطرق ما أعتقد أنه ينهض بالأزهر ويجعله يؤدى رسالته؛ ثم مرت مدة من الزمن وقف فيها رجال الأزهر على الكثير من المآخذ على هذه النظم مما تسمع حديثه في الكثير من مجالسهم وترى آثار التبرم والسخط بادية على الكثير من رجال. ولكن هذه الأحاديث لا تعدو أن تكون تفريجا عما في النفوس ثم لا يكون لها من الأثر ما يتجاوز هذه المجالس. وقد يكون هناك فريق إذا ما ذكر أمامه الإصلاح أراح نفسه من حديثه بقوله أنه لم يمض على هذه النظم من الوقت ما يكفي للحكم عليها. وإذا استعرضنا قانون الأزهر كما قدمه المرحوم الأستاذ المراغي وصدر به المرسوم الأخير للإصلاح ونظرنا ما وضعه من النظم في مراحل التعليم المختلفة نجده بصفة إجمالية قد أثقل طالب الابتدائي بالعلوم الرياضية بعد أن منعها من القسم الثانوي. وفي رأيي أنه لو بقيت الرياضة موزعة بين الابتدائي والثانوي كما كان الحال قبل صدور المرسوم الأخير لكان أفضل وأجدى على الطالب وأنفع له. وأما توزيع باقي المواد سواء منها المواد الأزهرية أو المواد الاجتماعية في القسمين فهو توزيع حسن يتناسب مع مقدرة الطالب وكفايته في المرحلتين.
بقى علينا أن ننظر إلى توزيع المواد في الكليات المختلفة، فأقول أن هذا التوزيع قد راعى فيه واضع القانون جهة الاختصاص فقط وأهمل ناحية أخرى هامة وهي شدة الصلة وقوة