الارتباط بين المواد الأزهرية بحيث لا ينفعك البحث في إحدى من أن يجر الباحث إلى أن يتعرض إلى قضايا مختلفة من المواد الأخرى لا غنى له عن استيعابها حتى يمكن الباحث ملما إلماما تاما بما يعترضه من قضايا المواد الأخرى لا يمكنه أن يتم بحثه على الوجه الذي يتطلبه التحقيق العلمي. والأمثلة على هذا كثيرة يدركها جميع رجال الأزهر. فدارس التفسير لا يمكنه أن يستغني عن دراسة الأصول فضلا عن دراسة مواد اللغة. ودارس الأصول لا يستغني عن دراسة المواد اللغوية أيضا. وطالب كلية الشعرية وأصول الدين لا يكفيه في دراسة اللغة ما حصله في المرحلتين الابتدائية والثانوية، ونحن نعلم أن الدراسة فيهما تكاد تكون تلقينية. أضف إلى ذلك تركه في هذه المواد في مرحلة الكلية، مما يجعله ينسى الكثير من قضاياها. والدارس في كليتي اللغة وأصول الدين لا يستغني عن دراسة الأصول بل هو في أمس الحاجة إليه حينما يدرس شيئاً من التفسير والحديث. ولا يكفي ما هو مقرر فيهما من المذكرات الموضوعة في هذه المادة فهي لا تعدو سرد القضايا دون التعرض لتفهمها وعرضها عرضا يتذوق منه الطالب جمال هذه المادة ويدرك حاجته إليها في الكثير من المواد.
ولا يليق بطالب كلية اللغة والشريعة أن يتخرج وهو لا يعلم شيئاً عن أصول الأديان والعقائد مكتفيا بما عرفه من دراسة القليل من علم التوحيد في كتبه الموروثة في المرحلتين السابقتين وهي كتب لا تشفي غلة ولا تبل صدى.
هذا من ناحية القصور العام في توزيع المواد في الكليات؛ وإذا انتقلنا إلى الدراسة في التخصصات ونظرنا إلى المواد المقررة في تخصص التدريس مثلا عجبنا كيف يرضى رجال الأزهر لناشئته أن يضيع من سني حياتهم سنتان في دراسة طرف من علم النفس والتربية وتاريخها وبعض المواد الأخرى مما يمكن أن يستوعبه الطالب بأقل مجهود أو بدونه في سني الدراسة في الكليات، وكان الأولى أن ينظم هذا التخصص وأن يزاد في سني دراسته سنة ثالثة وأن يقرر فيه دراسة بعض المواد الأساسية في الكليات المختلفة دراسة تمتاز عن دراسة الكليات بسعة البحث والتعمق فيه وتنوع طرقه مما يعد الطالب إعداداً كاملا؛ وأظن في وجود هذا التخصص على هذا النحو استغناء عن تخصص المادة.
وهكذا لا يعدم الباحث في شأن التخصصات الأخرى جميعها من أن يرى بعض النقص