سمعت المحاضرة التي ألقاها بدار جمعية الشبان المسلمين صاحب السماحة الشيخ عبد الكريم الزنجاني كبير مجتهدي الشيعة ورئيس مجلسهم الأعلى، وكانت المحاضرة في الدعوة إلى الوحدة الإسلامية، فرأيت فيه عالماً كبيراً، وإماماً مصلحاً، يندر وجود مثله بين علماء المسلمين في هذا العصر. ولا غرو أن تنجب بلاد إيران مثله، فقد أنجبت قبله في هذا العصر ذلك الحكيم العظيم، (جمال الدين الأفغاني) موقظ المسلمين من غفلتهم، وباعث الدعوة الإصلاحية القائمة الآن فيهم؛ وكأن الله أتى بالأستاذ الزنجاني ليكمل ما بناه قبله الحكيم الأفغاني، فليسر الأستاذ في سبيله، ولينسج على منواله، فالطريق ممهدة والغاية مرجوة، والأمل كبير في النجاح بعون الله تعالى.
ولكن كيف تتم الوحدة الإسلامية التي يدعو الأستاذ الزنجاني إليها؟ وما هو الطريق الموصل إليها حقيقة لا خيالاً؟ هنا أخالف الأستاذ الزنجاني فيما يراه من قيام هذه الوحدة على إزالة الفوارق بين الطوائف الإسلامية في الأصول الدينية على الأقل، وتقريب شقة الخلاف بين هذه الطوائف حتى تنحصر في الفروع وحدها.
فأني أرى ان هذا طريق شائك لا يوصلنا إلى الغاية المطلوبة من هذه الوحدة، لأن هناك خلافات حقيقية وكبيرة بين هذه الطوائف، ولا يمكن التقريب بينها فيها ولو بذلنا في ذلك ما بذلنا؛ فلا بد من طريق آخر يوصلنا إلى هذه الوحدة غير هذا الطريق ويقوم فيه بناؤها مع قيام هذه الفروق، وبقاء تلك الخلافات في الأصول والفروع.
فالخلاف بين أهل السنة والشيعة في عصمة الأئمة خلاف حقيقي، وهو خلاف في أصل من أصول الاعتقاد لا في حكم من الأحكام الفرعية؛ وأهل السنة يرون أن العصمة صفة خاصة بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، أما الشيعة فلا يرون العصمة صفة خاصة بهم ويعتقدون العصمة في الأئمة من أهل البيت أيضاً، ولكنهم لا يقولون بأنهم أنبياء أو