رسل. وقد تكلف الأستاذ الزنجاني إزالة الفرق بين أهل السنة والشيعة في هذا الاعتقاد، فقال ما مؤداه إن عصمة النبيين تختلف عن عصمة الأئمة عند الشيعة، وأنها في الأئمة معناها العدل والثقة، ونحن إذا وثقنا من رجل في علمه ودينه وعمله استبعدنا أن يقع منه خطأ أو مالت نفوسنا إلى استبعاد وقوع هذا الخطأ منه؛ أما عصمة الأنبياء فلها معناها الحقيقي، فهم معصومون عن كل خطأ، والفرق ظاهر في التقديرين وفي الحكمين. وإني أرى أنه لو كان هذا هو المراد من عصمة الأئمة لما كان هناك معنى في تسميتها عصمة، ولكان شأن الناس فيها كشأن الأئمة من أهل البيت وهو ما لا يقول به الشيعة.
وكذلك الخلاف بين أهل السنة والشيعة في خلافة الشيخين (أبي بكر وعمر) خلاف حقيقي، وله قيمته عند الفريقين.
ويضاف إلى هذا وذاك أن الشيعة في أصول الاعتقاد يتفقون في كثير منها مع أئمة المعتزلة، ويخالفون أهل السنة، كمسألة نفي الصفات وغيرها من مسائل علم الكلام، وهذه كلها خلافات يصعب إزالتها، فلا يصح أن نطمع في بناء الوحدة الإسلامية على محوها
وإنما الواجب في ذلك أن نقبل هذه الخلافات في ديننا، وأن تتسع لها صدورنا، وأن نجعل الخلاف في مثل هذه الأصول مثل الخلاف الذي نقبله في الفروع، فإذا قال الشيعة بعصمة الأئمة فلهم في هذا رأيهم، ما داموا يقولون إنهم أئمة معصومون، وليسوا بأنبياء ولا برسل؛ وإذا قال الشيعة إن علياً رضي الله عنه كان أحق بالخلافة من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وأنكروا خلافتهما فلهم في هذا أيضاً رأيهم، ولنا رأينا في أن خلافتهما خلافة صحيحة.
وليقم الجدال في هذا وأمثاله بين الطوائف الإسلامية على الإقناع بالحجة النقلية أو العقلية، ولنبعد فيه عن التغالي في التعصب للرأي، والطعن في الدين والعقيدة، والرمي بالإلحاد والكفر، ولنجعل الخلاف في الرأي أداة تواصل وتعارف، لا أداة تقاطع وتجاهل، وليقم الخلاف بيننا على أنه خلاف بين أخوين في الدين، تجمعهما كلمة الإسلام، وتظلهما راية التوحيد، وقد امتاز الإسلام على غيره من الأديان بما سنه من سنة الخلاف في الرأي، فقال الله تعالى في سورة هود (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم، وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) وجعل