الرسول صلى الله عليه وسلم للمجتهد إذا أخطأ أجراً واحداً، فإذا أصاب فله أجران، ولم يفرق في هذا بين أصول وفروع، بل أطلق الأمر إطلاقاً، وفتح باب الاجتهاد في الأصول والفروع معاً.
وهذا هو الأساس الصحيح الذي لا يمكن أن تقوم على غيره تلك الوحدة المطلوبة، أما ذلك الأساس الذي يراد بناؤها عليه فلا يمكن تحقيقه أبداً، لأن الخلاف في الرأي سنة طبيعية في الإنسان، وعلى هذا مضى أمره منذ الخليفة، وسيمكث عليه إلى ما يشاء الله تعالى.
ولابد أن أشير في هذه الكلمة إلى أنه لا بد في تحقيق تلك الوحدة من قبر ذلك الماضي القائم على التدابر والتقاطع، ولا يمكن قبر هذا الماضي إلا بقبر هذه الكتب المتدابرة المتقاطعة، وهي الكتب التي يدرسها أهل السنة في الجامع الأزهر بمصر، والكتب التي يدرسها الشيعة في معهد النجف الأعلى بالعراق؛ وقد أخذت النفوس في الأزهر هذه السنة تحن إليها، وتعمل على إعادة كثير منها، وتمدح مماحكاتها اللفظية الساقطة، وتنسى ما جلبت من الشقاء على الإسلام والمسلمين، وأنه بينما كانت كل قوانا الفكرية مصروفة إلى ألفاظها، كانت قوى غيرنا مصروفة إلى حقائق الأشياء ومعانيها، فنجحوا في علومهم دوننا، وتقدموا وتقهقرنا، ولم تنفعنا هذه المماحكات اللفظية التي برعنا فيها. ولا بد أن أشير أيضاً إلى أنه لا يكفي في تحقيق تلك الوحدة أن يزور الأستاذ الزنجاني الأزهر والكليات التابعة له، ثم نبادله في معهد النجف الأعلى زيارة بزيارة، بل لا بد من الاعتراف في الأزهر بفقه الشيعة ودراسته فيه كما يدرس فقه أهل السنة، ويكون هذا بندب أستاذ لدراسته في الأزهر من أساتذة معهد النجف الأعلى، كما يجب أن يعترف الشيعة بفقه أهل السنة، ويدرسوه في معهدهم كما ندرس فقههم في أزهرنا، ويكون هذا بندب أستاذ من أساتذة الأزهر لدراسة فقهنا عندهم، فيتم بهذا التعارف بيننا وتزول تلك الجفوة الممقوتة، وتتحقق تلك الوحدة المطلوبة.