من بين الرسائل التي تلقيتها في أثناء كتابة هذه الفصول رسالة يقول فيها كاتبها الأديب (صلاح الدين الصدفي) بعد كلام كثير:
(. . . ونحن يا سيدي من سكان الريف الذين كثيراً ما يتأثرون بالآراء المتداولة، والأشعات المفتعلة، وقد كنا نعتقد أن العقاد كاتب سياسي من الطراز الأول، ولكنا نفضل عليه في الكتابة الأدبية آخرين، أسهل منه في الفهم، وأعرف لدى الجماهير، ثم تابعنا كلماتك فاستطعت أن تشوقنا إلى قراءة مؤلفاته النثرية على ضوء جديد، ولكنا إلى أمد قريب كنا لا نميل إلى الاعتراف بشاعرية العقاد، فإن كان شاعراً فهو شاعر الفلسفة والتأمل لا شاعر العاطفة، وإذا سلمنا أن له في شعر العواطف شيئاً، فما كنا نصدق أنه شاعر غزل. وأخيراً انكشفت عنا هذه الحجب التي بثتها فينا دعايات مغرضة، وإذا بنا نفهم أن العقاد هو كل أولئك، وأنه ممتاز في جميع مناحي الشعر، متفوق في كل هذه الاحساسات، وأسفنا على ضياع زمن طويل، لم نتنبه فيه إلى خصوبة هذا الإنتاج الوفير. . .)
هذه الرسالة جماع ما ورد إلي في رسائل متفرقة، وفي هذه الفقرات القصيرة ما يبرر البسط والتوسع الذي عالجت به (غزل العقاد) خاصة، وإن كنت أحس أن في القول متسعاً وأن غزل العقاد وشعره عامة، يصلح لدراسات مستفيضة، ولشروح وتآليف تجعل منه - كما يستحق - مذهباً قائماً، معروف المعالم، واضح السمات.
وشعر العقاد فن خصب، صالح للدراسة على أنماط مختلفة من الطرق والأوضاع، فتستطيع أن تدرس فنونه كل فن على حدة كما صنعت في (غزل العقاد) وتستطيع أن تدرس اتجاهاته وتلتمس لها أمثلة من مختلف فنونه، كما صنعت في محاضرتي عام ١٩٣٤ عن (وحي الأربعين). وحيثما اتجهت في الدراسة وجدت مادة جديدة، وذخيرة فنية،