يعد الصوفيون الحسن البصري واحداً من جماعتهم. والواقع أنه كان إلى حد بعيد يعلق أهمية عظمى على الاستقامة النفسية، ولم يكن قانعاً بالعبادات الظاهرية فحسب. ولقد قال:(مثقال ذرة من الورع السالم خير من ألف مثقال من الصوم والصلاة) بيد أنه على الرغم من أن بعض أقواله الواردة في التراجم المتأخرة تؤيد الزعم القائل بأنه كان صوفياً عميقاً، إلا أنه ليس ثمة شك في أن تصوفه - إذا جاز أن ينعت بهذا الاسم - كان من النوع الشديد الاعتدال؛ وأنه كان في حاجة قصوى إلى الحمية والهيام الذي نجدهما عند الصديقة الورعة رابعة العدوية التي تربطها به الأقاصيص
ولقد اختلف الصوفية أنفسهم في تفسير أصل اسم (الصوفي) وذهبوا في ذلك مذاهب شتى متباينة، ومن بين الاشتقاقات التي ذكرت ثلاثة تستحق عناية الباحث وهي التي تربطها بكلمة (سوفوس) اليونانية (المقابلة لـ في الإنجليزية) أو صفا أو (صوف)
أما الاشتقاقان الأولان فلا يدعمهما أي أساس لغوي ولسنا بحاجة لنقاشهما. ولو أن الاشتقاق من (صفا) مقدم لدى من يعتد به من شيوخ الصوفية، ومقبول على العموم في الشرق. والسبب في هذا الترجيح يتضح لنا من مثل هذه التعاريف كقولهم:(الصوفي من يحفظ قلبه صافياً لله) و (الصوفية الاصطفاء) وإذا فهمناها على هذا الاعتبار فقد صارت للكلمة دلالة سامية هيأتها للاختيار دون سواها
ومهما يكن الأمر فإنه يمكن إرجاعها إلى أصل ضئيل، ذلك أنه كان من مألوف عادات المتقشفين والزهاد عادة في العصور الأولى من الإسلام وهي لبس الصوف لما كانوا عليه - كما يقول ابن خلدون - من مخالفة الناس الذين يرفلون في الثياب الغالية، ولهذا فإن اسم (صوفي) الذي يدل لأول وهلة على المتقشف المرتدي الصوف صار كمدلول القاووق على الرهبان الكابوشيين؛ وطبقاً لما يذكره القشيري أصبح هذا اللفظ شائع التداول قبل نهاية