للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عجيباً من زجاج على شكل امرأة وأطلق عليه أبو مرة، وباسمه تسمت القيسارية التي كانت ملكا لعبد العزيز باسم قيسارية أبي مرة، وكانت تعرف في زمن ابن دقماق (المتوفى سنة ٧١١هـ) بحمام بثينة

نعم! لقد طالت ولاية عبد العزيز على مصر فأتيح له أن يأتي بكثير من الإصلاح، واستطاعت البلاد في أيامه أن تظهر بمظهر النشاط الأدبي والمادي. ولقد بالغ الشعراء فيما أتاه هذا الوالي من أعمال البر والإحسان والكرم، فقال بعض المؤرخين إنه (كان له ألف جفنة تنصب حول داره، ومائة جفنة تحمل على العجلات ويطاف بها على قبائل مصر. وفي ذلك يقول الشاعر:

كلُّ يومٍ كأنه يومُ أضحى ... عند عبد العزيز أو يومُ فِطر

وله ألف جفنة مترعاتٍ ... كلَّ يوم تمدّها ألف قِدْرِ

هذا وبالرغم من أن خراج مصر كان إلى عبد العزيز بن مروان، فقد قيل إنه لم يترك عند وفاته من المال غير سبعة آلاف دينار عدا أملاكه في حلوان، وقيسارية أبي مرة وما خلفه من الثياب والخيل والرقيق. فلا غرو إذا أجمع الناس على محبته ورضوا عنه وعن ولايته. ورثاه الشعراء أحسن رثاء فقال سليمان ابن أبان الأنصاري:

فمن ذا الذي يبني المكارم والعُلا ... ومن ذا الذي يُهْدَى له بعدَك السِّفر

فكنتَ حليف العرف والخير والندى ... فمتْن جميعاً حين غَيَّبكَ القَبْرُ

فبعدك لا يُرْجى وليدٌ لنفعةٍ ... وبعدك لا ترجى عوان ولا بكر

تلك هي مصر في فترة من حياتها الإسلامية الزاهرة في عهد عبد العزيز بن مروان من بني أمية.

حسن إبراهيم حسن

<<  <  ج:
ص:  >  >>