للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[النائح الشادي]

للأستاذ فؤاد بليبل

كُفَّ النُواحَ فقد أثرْتَ توجُّعي ... إنَّ الذي أشْجاكَ مزَّق أضلُعي

يا نائحاً في الدوْح يندبُ حظه ... دع عنك لحنَ اليأس واهجرهُ معي

قلبي كقلبِكَ موجَعٌ متألم ... أعجِبْ بقلبي الضاحك المتوجِّع

لك يا هزارُ بما أكتِّمُ أُسوة ... فاصدح على فنن الأراكة واسجع

كفَّ البكاَء ودع أناشيد الأسى ... لا أنتَ في قفصٍ ولا في بلقع

وارقُصْ على الغصنِ النَّضيرِ مرجِّعاً ... في كلِّ مؤْنقَةٍ وَرَوْضٍ مُمْرعِ

فعلامَ تبكي فوْق أشواكِ الرُّبى ... بين الطول ودراساتِ الأربُع

وأمامَكَ الَمرْجُ الخصيبُ ودونَكَ ال ... روضُ القشيبُ وصافياتُ الأنبع

وَحيالكَ الآمال ملأَي بالمُنى ... وتجاهكَ الأُفقُ الرحيبُ المرتع

لكَ منزلٌ في الدُّوْح لَو أُنزلتُه ... لأُديلَ من حُزني وزالَ تفجُّعي

ناءٍ عن الظلم المضيمِ مكانةً ... مخضوضَر الشرفاتِ حلو الموقع

بَسَمتْ لكَ الدنيا فمالكَ عابسا ... وتجهَّمتْ لي فابتسمتُ لمصرعي

أشجاكَ أنك قد شُغفتَ بِوردة ... غذَّيتَها بفؤادِكَ المتقَطِّع

وسقيْتها ماَء الشئونِ فأينعتْ ... بَين الوُرودِ وليَتها لم تيْنع

وتفتحتْ أكمامُها وتَرَعرَعت ... في الروضةِ الغنّاءِ أيّ ترَعرُع

وكأنما اغترَّت بِفاتِنِ حُسْنِها ... فمضتْ تَتِيْه بهِ بِغيرِ تورُّع

والحسنُ كان ولا يزالُ وسيمه ... شركَ القلوب وقبلةَ المتطلع

وتلاعبتْ فيها الأكفُّ ودُنّست ... بأصابعٍ شتى وأيدٍ قطّعٍ

واستنفرَت لمّا رأتْكَ وقد أتى ... زَمَنُ الحصادِ وآذنتْ بتمَنع

فاقلبْ لها ظهرَ المجنِّ فليس في ... أكمامِها للحرِّ أدنى مطمع

وأربأ بنفسِك أن تكون ذَليلةً ... فالمورد ملء الروض فاختر واقطع

واملأ سماَء الشعر ألحاناً ولا ... تكُ في وجومكَ كالغراب الأسنع

يكفيكَ أنك كنتَ أوّل ناشق ... دون الطيور لعَرفها المتضوّع

<<  <  ج:
ص:  >  >>