برحنا المشهد عائدين إلى طهران والساعة عشر إلا ربعا من صباح يوم الاثنين سادس رجب (١٥ أكتوبر) فمررنا بقرية اسمها قدمكاه (موضع القدم) وقد ذكرتها في سيرنا من نيسابور إلى مشهد وأرجأت الكلام عنها إلى الاياب إذ لم نعرج عليها في الذهاب. وقفت السيارة فنزلنا وملنا ذات اليسار فدخلنا ساحة بين جدارين فيها طاقات لا ابواب لها بناها بعض السلاطين ليأوى إليها المسافرون. ثم صعدنا إلى مستوى ينحدر منه مجرى ماء. فانتهينا إلى شجرات عادية بجانبها حجرة كبيرة. ولقينا قيم المكان فقال أنا كشيش قدمكاه. قلنا يا صاح أن الكشيش رجل الكنيسة وانت رجل مسلم، فقال أنا خادم القدم المبارك.
ولجنا الباب فرأينا على يسارنا بنية فيها حجر بركاني اسود فيه اثر قدم. قال دليلنا هذا قدم الامام على الرضا، ثم خرج بنا إلى حجرة أخرى في وسطها بركة صغيرة مستديرة بها ماء صاف يشف عن سمكات صغيرات يجلن بين سطحه والقاع. قال هذه عين الامام الرضا فاشربوا. فغسلنا أيدينا داعين منشدين:
(وعين الرضا عن كل عيب كليلة)
نزلنا سائرين غلى الجادة فشربن الشاري وقوفاً واستأنفنا المسير إلى نيسابور. ونزلنا في الخيام التي ضربت لنا من قبل عند قبر الخيام فاسترحنا وطعمنا.
خرجنا من نيسابور والساعة ثلاث بعد الظهر، فوردنا سبزاور ستا إلا ثلثا، فأوينا إلى النزل الذي وصفته من قبل، وبعد العشاء اجتمع بعضنا في حجرة الأستاذ العلامة كوبر علي زاده محمد فؤاد مندوب الحكومة التركية، وجاء مغنون من أهل القرية فغنوا من رباعيات الخيام وغيرها ضاربين على التار (آلة تشبه العود) فطربنا لهذا الغناء وهذا المجلس الذي جلس فيه علماء من أمر شتى دون ترتيب ولا تكلف، بعضهم على السررُ والآخرون على الأرض، فأخذنا نوقع بأيدينا على نغمات التار.
ولا أنسى الأستاذ كريستنسون الدانمركي وقد مد رجليه وأمسك عود الدخان (البيبة) بفمه ونشط للصفق على أنغام الموسيقى.
برحنا سبزاور والساعة تسع ونصف، فبلغنا داوَر زَن بعد ساعة ونصف ونزلنا بها منزلنا