الأول فاسترحنا وتغدينا. ثم فارقناها والساعة واحدة ونصف نؤم شاهرود، وكان بردها لا يزال عالقا بي، فقلت لأصحابي: سأترك في شاهرود الغلة التي أخذتها منها. قال الأديب رشيد الياسمي: إن الله يأمركم أن تؤدون الأمانات الى أهلها. وبعد ساعة وقفنا على قرية اسمها عباس أباد فجاء شبان يعرضون علينا من صنعة القرية مسابح وأزراراً وأشياء أخرى مصنوعة من حجر ازرق ضارب إلى السواد فاشترينا منها للذكرى.
ثم سرنا فمررنا بزيدر فنزلنا به ربع ساعة فشربنا الشاي عند شجيرات وقناة هناك، وأسرعنا المسير ليتسنى لنا أن نعرج إلى بسطام فنزور أبا يزيد قبل الغروب، فعطبت سيارتنا على مقربة شاهرود، وذهبت فضلة الوقت في إصلاحها فاضطررنا أن نعدل عن بسطام إلى شاهرود فوردناها بعد المغرب ونزلنا في دارين داخل البلد استُبدلتا بالدار التي بظاهر البلد بعد الذي أصابنا من بردها في الطريق إلى المشهد. وبكرت أنا والأستاذ عبد الحميد العبادي والأديب أحمد الصراف آملين أن نزور بسطام ونرجع قبل أن يتأهب أصحابنا للسفر، فما زلنا ننتظر سيارتنا حتى فقدنا الرجاء في زيادة أبي يزيد فسرنا مع الركب آسفين مرسلين للشيخ الصوفي تحيتنا على البعد
سرنا عن شاهرود والساعة سبع ونصف من صباح الأربعاء مزمعين أن نبلغ طهران عشية اليوم. وبين شاهرود وطهران أربعمائة كيل وثلاثة. وردنا دامغان بعد ساعة، فرأينا أن نتلبث بها لنرى بعض مشاهدها ولم تكن وقفنا بها في ذهابنا إلى المشهد،
كانت دامفان مدينة فومس، وهي اليوم من ولاية طبرستان وتبعد ٦٤ كيلاً من استراباد، جنوبي جبال ألبرز. على حدود العراق العجمي وخراسان. ويقال إنها في موضع مدينة هِكتمبيليس إحدى المدن العظيمة في مملكة الأشكانيين القديمة، وأن إسكندر المقدوني أدرك دار الثالث قتيلاً على مقربة منها.
قال ياقوت راوياً عن مسعر بن مهلهل:(الدامغان مدينة كثيرة الفواكه. وفاكهتها نهاية. والرياح لا تنقطع بها ليلاً ونهاراً. وبها مقسم للماء كسروى عجيب يخرج ماؤه من مغارة في الجبل ثم ينقسم إذا انحدر عنه على مائة وعشرين قسماً لمائة وعشرين رستاقاً لا يزيد قسم على صاحبه، ولا يمكن تأليفه على غير هذه القسمة.
وهو مستطرف جداً ما رأيت في سائر البلدان مثله ولا شاهدت أحسن منه)