نشرت (الرسالة) في العدد (٥٠٣) مقالاً ضافياً للأستاذ (الأب أنستاس ماري الكرملي) تحت عنوان (لماذا لا أثق بأقوال النحاة ولا اللغويين). عدد فيه بعض مآخذ عليهم، توجب عدم ثقته (دائماً) بأقوالهم، ولو كان إدلاء إجلاء، إلا بعد عرضها على محك النقد والتحقيق، فإن أظهر المحك صدق إبريزهم، وافق عليها وقيدها عنده، وإلا نبذها نبذ النواة؛ ثم عرض لذكر شئ من أخطائهم التي جمع ما يقع في مجلد ضخم. هذا ملخص تصديره
وسيكون كلامي إلى (الأب) في ثلاثة مقامات:
الأول - في منزلته اللغوية
الثاني - في تخطئته النحاة واللغويين
الثالث - في مبلغ هذه التخطئة من الصواب أو الخطأ فأقول، مراعياً الإيجاز قصارى جهدي، ومن الحق تعالى أستمد السداد
المقام الأول
لا ينكر أحد أن للأب (أنستاس) البحاثة الراوية، جولات في ميادين اللغة وصولات، وأنه يطرف قراء العربية الفينة بعد الفينة، ببحوثه الشيقة، ونقاشاته اللغوية الدقيقة الممتعة؛ ولا غرو، فإنه بذلك يحافظ على تراث أجداده الفصحاء وأسلافه من العرب العرباء. ونحن لا ننسى قولاته الضافية باحثاً منقباً عن اللغة على صفحات (الأهرام) أيام الرخاء (أعادها الله على العالم أجمع) فنحمد له غيرته على العربية، وحدبه على خدمتها، وولوعه بالبحث عن شواردها، فهو من أكابر الباحثين في اللغة المحدثين، وإن لم نر له معجماً يضارع (أقرب الموارد) للقس (سعيد الشرتوني) أو (المنجد) للأب (لويس اليسوعي) مثلاً
المقام الثاني
ظاهر عنوان المقال يحمل في طياته المقدمات ونتيجتها الحتمية الآتية:
الأب يبني بحوثه وتحقيقاته اللغوية على أقوال اللغويين والنحاة، والنحاة واللغويين في