[رثاء نسيب عريضة]
هكذا حدث. . .!
للدكتور أحمد زكي أبو شادي
(ألقى في الحفلة التذكارية للشاعر الكبير المرحوم نسيب عريضة لمناسبة صدور ديوانه اليتيم (الأرواح الحائرة) ومرور أربعين يوماً على وفاته. وقد أقامت الحفلة لجنة أدباء الجالية السورية (والرابطة القلمية) في نزل تاورز في بروكلن بمدينة نيويورك مساء الأربعاء ١٥ مايو سنة ١٩٤٦، وكانت الحفلة برعاية سعادة الدكتور قسطنطين زريق القائم بأعمال المفوضية السورية في واشنطن)
ما كان عمرك موهوباً لإنسان ... ولا لإحساس هذا العالم الفاني
ولا لأرض وأوطان حننت لها ... فالعبقرية لم تخلق لأوطان
والشاعرية لم تُقصَر منازلها ... على الحياة ولو من رسم فنان
بل كان عمرك آيات هتفت بها ... ولم تفسر بإنجيل وقرآن
ولم تكيف بأوصاف ننمقها ... ولم تقدر بمقياس وميزان
ولم تخصص، فحتى أنت كنت بها ... في نشوة بين مشدوه وحيران
ملء الزمان تُناجينا وتُسعدنا ... وتحمل النور ميراثاً لأزمان
وتبعث الوحي فينا وهو ينقلنا ... إلى عوالمَ من حسن وإحسان
تُشنام بالروح أطيافاً وأخيلة ... علوية، وجِناناً دون جنّان
أكُنَّ من صنعك الفتان أم نشأت ... عن معجزات سمت عن خَلق إنسان؟
لعل في مقبل الأجيال عارفها ... إن فات تعريفُها روحي ووجدان!
يا شاعر الهمسات الساميات بنا ... المبدعات لنا قدسيّ ألحان
كأنها صلوات لا حدود لها ... يغني الوجود بها من قلبك الحاني
جم التواضع، جم العلم، يسعده ... أن لا يميز في مدح وشكران
وليس يبخس إلا نفسه أدباً ... كأن أخلاقه أخلاق ديان
وليس يعرف غير الحب منقبة ... ويحسب الزهو من أوزار شيطان
يحنو على الشعب في البلوى ويسعفه ... ويستثير شعور الغافل الواني