سألني بعض القراء من أيام عن مدى التغير الذي حل بالموقف العسكري منذ تسليم فنسا (وهل يضعف تسليمها إنجلترا أم يقويها؟) وردنا على هذا السؤال بنعم ولا؛ فهذا التسليم يضعفها ويقويها، كما ترتبت عليه نتائج لها خطورتها. فبعد ما كانت نهاية الحرب رهن معركة برية وانهزام بري، يعقبه انحلال ألمانيا السريع، لم يبق تسليم فرنسا من مجال يؤدي إلى هذا الغرض، وتبعاً لذلك يرى بعض العسكريين أن الحرب قد تطول فيمتد زمنها إلى عدة سنوات
أما الأسباب التي يستندون إليها لإطالة الحرب فهي:
أولاً: سكون القوات البرية، فلم يعد من صلة مباشرة بين قوات إنجلترا وقوات المحور في أوربا، فلا توجد منطقة تعتبر معاركها حاسمة وتقرر النصر والهزيمة، فإن السلاح الجوي وحده ليس كفيلاً باحتلال البلاد، ويقتصر عمله على إضعاف الروح المعنوية في الشعوب، وعلى تدمير المرافق الحيوية التي تغذي الجيوش.
ثانياً: اتساع موارد دولتي المحور، مما يتيح لهما إطالة زمن الحرب، فهما تسيطران الآن على جميع موارد أوربا من صناعية وغذائية، ونضوب هذه الموارد ليس من الأمور اليسيرة؛ فموارد بلدان أوربا عظيمة، وبهذه البلدان أكبر مصانع العالم، وضعفها الوحيد، هو حاجاتها إلى بعض المواد الأولية التي تستورد من أمريكا أو من المستعمرات كالقطن والمطاط والبترول وغيرها من المعادن التي تدخل في صناعة الطائرات والذخائر.
موطن قوة ألمانيا
وإذا كان اختفاء الميادين البرية من الحرب الحالية يطيل الحرب، فإنه قد قوى مركز إنجلترا قوة لا يستهان بها وجعلها حصناً منيعاً، فإن استعداد ألمانيا البري والجوي استعداد لم يسبق للعالم أن رأى شبيهاً له، فهي تمتاز بمعدات برية سلم قادة الحلفاء أنفسهم بأنها معدات ساحقة. ومن حسن حظ إنجلترا أنها جزيرة لا تستطيع ألمانيا أن تنقل إليها هذه