للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكتب]

إحياء النحو

تأليف الأستاذ إبراهيم مصطفى

خير ما تقدم به هذا الكتاب القيم إلى القراء أن ننشر هذه المقدمة التي صدره بها مؤلفه الفاضل فقد حدد فيها الموضوع ورسم الطريق وبين الغاية. وللرسالة بعد ذلك كلمة فيه

هذا البحث من النحو عكفت عليه سبعة سنين وأقدمه إليك في صفحات. سبع سنين من أواسط أيام العمر وأحراها بالعمل، صدقت فيها الاعتكاف إلى النحو، وإلى ما يتصل بمباحثه، وأضعت له من حق الصديق والأهل والولد والنفس جميعاً.

كان سبيل النحو موحشاً شاقاً، وكان الإيغال فيه ينقض قواي نقضاً، ويزيدني من الناس بعداً ومن التقلب في هذه الدنيا حرماناً. ولكن أملاً كان يزجيني ويحدو بي في هذه السبيل الموحشة؛ أطمع أن أغير منهج البحث النحوي للغة العربية، وأن أرفع عن المتعلمين أصر هذا النحو، وأبدلهم منه أصولاً سهلة يسيرة، تقربهم من العربية، وتهديهم إلى حفظ من الفقه بأساليبها.

كانت بارقات الأمل - خادعة وصادقة - تدفعني في سبيلي، غير راحمة ولا وانية. فليكن ما أنفق من هذا العمر ذخراً في أعمار الدارسين من بعد، ولتكن شيخوخة هذا الشيخ فدى للعربية؛ أن تقرب من طالبيها، ويمهد السبل لمتعلميها.

اتصلت بدراسة النحو في كل معاهده التي يدرس فيها بمصر، وكان اتصالاً طويلاً وثيقاً؛ ورأيت عارضة واحدة، لا يكاد يختص بها معهد دون معهد، ولا تمتاز بها دراسة عن دراسة، وهي التبرم بالنحو، والضجر بقواعده وضيق الصدر بتحصيله؛ على أن ذلك من داء النحو قديماً، ولأجله ألف (التسهيل) و (التوضيح)، و (التقريب) واصطنع النظم لحفظ ضوابطه، وتقييد شوارده.

والنحو مع هذا لا يعطيك عند المشكلة، القول البات، والحكم الفاصل. قد يهدي في سهل القول، من رفع فاعل ونصب مفعول. فإذا عرض أسلوب جديد، أو موضع دقيق، لم يسعفك النحو بالقول الفصل، واختلاف الأقوال، واضطراب الآراء وكثرة الجدل التي لا تنتهي إلى فيصل ولا حكم، كل ذلك قد أفسد النحو أو كاد، فلم يكن الميزان الصالح لتقدير

<<  <  ج:
ص:  >  >>