تحتفل جامعة فؤاد الأول بمرور ربع قرن على مولدها الرسمي السعيد. وربع قرن أمد بعيد في عمر الأفراد، ولكنه ليس كذلك في حياة الجامعات. فقد احتفلت جامعة مونبلييه بعيدها الألفي ولماذا نذهب بعيداً وأمامنا الأزهر الشريف؟
وليس من شك في أن الجامعة عنوان تقدم المجتمع، وأن أثرها بعيد في إعداد الشباب لخدمة الوطن والمساهمة في حل مشكلاته والتحمس لإصلاحه.
وقد اتخذت الجامعة لها مقرا على الضفة الغربية للنيل. وفي ذلكم - كما رأى الدكتور زكي مبارك - رمز لما تسمو إليه من نقل عقل الغرب إلى روح الشرق.
أنشئت الجامعة (الأميرية) في عام ١٩٢٥ بلا أهداف واضحة ومن غير رسالة محددة. وهنا يواجهنا أستاذنا الدكتور عباس عمار بتلك الحقيقة المرة؛ وهي أن النظام الجامعي يبدو أنه فرض علينا فرضا، فلم يأت كما حدث في كثير من بلدان العالم الغربي نتيجة تطور طبيعي، وما دعت إليه وقتئذ حاجة ماسة. (وليس أدل على ذلك من غموض النص على اختصاص الجامعة في اللائحة التأسيسية لها. فمن اختصاصها مهمة تشجيع البحوث العلمية والعمل على ترقية الآداب والعلوم في البلاد.
ذلك أن النظام الجامعي - ككل نظام اجتماعي - لكي يؤتى أكله ويستسيغه الأفراد، لا بد أن يعبر عن الاتجاهات الحديثة التي يتجه إليها المجتمع، وأن ينسجم مع النظام الاجتماعية الأخرى ويتفق مع وجهة المجتمع. ولقد أثار الأستاذ الكبير فريد يك أبو حديد مشكلة على جانب كبير من الأهمية، وهي: هل كان نشر التعليم حقا هو العمل علة نهضة الأمم في الماضي؟ وهل كان تطور التعليم في البلاد، أم أن تطورهكان نتيجة تطور الحياة في المجتمع.
وانتهى الأستاذ في بحثه إلى أن تطور الحياة في المجتمع هو الباعث على نشر التعليم. بيد أنه كان الكثير من مظاهر نهضتنا الحديثة لم يكن نتيجة تطور طبيعي، فإن التعرض لهذه الناحية فيه زعزعة لأركان هذه النهضة. فهل كان ينبغي أن نعيش بمعزل عن التيارات العالمية ونتخلف عن الركب؟ إننا لا نستطيع، فالعالم وحده متشابكة المصالح معقدة