للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الروابط. والرأي السليم هو أن يوفق أولو الأمر بين الجامعة (الجديدة) وبين ما تتطلبه الحياة المصرية، وألا يغفلوا عن مكانة الجامعة في المجتمع، وما تؤديه من رسالة خطيرة.

حلت كليات الجامعة محل المدارس العليا القديمة وسارت في عملها. ومع ذلك فقد ظهرت لها مآثر جليلة وآثار عظيمة. وقد كان في مقدمة ما قامت به من جلائل الأعمال هو إيقاظ الوعي القومي وشحذ العزائم والهمم. كما كانت الجامعة - ولا زال - مبعث النور والعرفان، ومصدر أصوات الحرية والاستقلال، فحملت ألوية الجهاد في سبيل مصر العزيزة، ولم تبخل في كفاحها فروت أرض الوطن بدماء الشهداء الأبرار من أبنائها الأطهار.

وما ينبغي أن ينكر الباحث صولات الجامعة وجولاتها في النهضة الأدبية والعلمية والفنية؛ إذا ازدهرت الدراسات العليا في مختلف النواحي والشؤون، فلم تعد مصر تعيش عالة على ما تجود به الحضارة الغربية بل نبغ من بين جدران الجامعة من بزوا رجال الغرب ونافسوا؛ فئة تعتز بهم الجامعة وتفخر، ويكفي أن نذكر اسم العالم الأشهر (المرحوم) مشرفة باشا، والوزير الأديب طه حسين باشا، والبروفسير الأثرى سليمان حزين، والأنثروبولوجي الاجتماعي عباس عمار، لتخر أشهر الجامعات ساجدة تشيد بفضل صاحبة أقدم حضارة نقلت العالم من الظلمات إلى النور، وتعترف بأنه يصعب عليها أن تخرج أمثال هؤلاء الرجال. . .

ومما لوحظ على الجامعة خروجها من عزلتها، فظهرت ثمار النشاط الشعبي للجامعين والجامعيات في إقبال الطبقات المختلفة على طلب العلم، وفي نشر الآداب وتبسيط العلوم والفنون. ولعل من أروع ما صحب الجامعة من ظاهرات: ظاهرتين خطيرتين هما: اختلاط الجنسين وما نتج عنه من تدعيم أركان النهضة النسائية، ثم تطور الصحافة وتنوير الرأي العام

أما اختلاط الجنسين فأن كلية الآداب قد سبقت الكليات في إباحته، وذلك بحكم إن دراساتها من أكثر الدراسات الجامعية ملاءمة للفتيات. . .

والاختلاط قد يرضي عنه قوم ويسخط عليه آخرون. وفي الواقع أن الاختلاط - كأي ظاهرة اجتماعية - له فوائد ومضار ولم يكن في الإمكان تفادي حدوثه تلبية لدعوى

<<  <  ج:
ص:  >  >>