قرأت الكلمة الأخيرة للأستاذ دريني خشبة في الرد على الأستاذ معروف الرصافي، وهي كلمة لا تتسق مع موضوع البحث، لأن الأستاذ دريني سلك فيها مسلك التحدي للأستاذ الرصافي، وذلك مسلك لا أرتضيه في أمثال هذه المساجلات وسبب هذه المعارك القلمية يرجع إلى آرائي عن وحدة الوجود في كتاب التصوف الإسلامي، وكان المنتظر أن أقول كلمة في الفصل بين أولئك المتخاصمين، ولكني سكت عن عمد، لأن تلك المعارك اتجهت وجهة دينية، مع أن نظرية وحدة الوجود نظرية فلسفية، والدين يلاقي الفلسفة في حين ويفترق عنها في أحيان
كنت أستطيع أن أفصل بين أولئك المتخاصمين، لأن كتابي سبب هذه الخصومة، ولأني شغلت نفسي بدرس هذه النظرية عدداً من السنين، ولكني رأيت أن أقف على الحياد، لأن اشتراكي في المناظرة سيزيدها احتداماً إلى احتدام، وسيسوقنا جميعاً إلى متاعب فكرية تزلزل العقول، وتبلبل القلوب
أنا حاضر لخوض هذه المعركة من جديد، ولكن أين الميدان؟
سيتصدَّى للرد على ناس لا يفهمون مرامي كلامي، كالناس الذين زعموا أني أنكرت إعجاز القرآن في كتاب النثر الفني، مع أن آرائي في إعجاز القرآن هي الآراء الباقية، وإن قال بعض الخلق إنها من الكفر الموبق!
لن أعيد القول في نظرية وحدة الوجود إلا يوم أضمن أن ينظر الناس لحرية الرأي، كما كان ينظر المسلمون إلى تلك الحرية في عهد ازدهار المدنية الإسلامية
أما اليوم فأنا يائس من حرية الرأي، فكل كاتب يحاول أن يكون واعظاً في مسجد، أو راعياً في كنيسة، كأن الفكر الحر من القيود لم يبق له مكان في هذا الوجود
والذي يهمني في هذه الكلمة الوجيزة هو دعوة الباحث المفضال الأستاذ درينى خشبة إلى اجتياز عقبات هذه المساجلة بأسلوب لا يجرح الأستاذ الرصافي، ولا يصور الباحثين المصريين بصورة المتعنتين
وكنت وعدت بالرد على الأستاذ الرصافي، وسأفي بما وعدت ولكن بالتجمل والترفق، فما