كان يوم الخميس الماضي يوم وفاء المنصورة لأبنها الذي أنجبته وأهدته إلى عالم الشعر والخلود، شاعر مصر الراحل المغفور له علي محمود طه. فقد نظمت جماعة الأدباء هناك حفلاً لتأبينه لم يكن مقصوراً على المنصوريين، بل قصد إليه من القاهرة جمع من الأدباء والكبراء كما خفت إليه أسرة تحرير (الرسالة) في صحبة أستاذنا الكبير الزيات.
وحججتا إلى البلد الجميل الذي أنبت صديقنا الفقيد لنلقى روحه الهائم على منبته ومثواه. وقد رأيت المنصورة لأول مرة فأحسست كأني آلفها من قبل كما أحسست عند أول لقاء للصديق الراحل. وفد عدنا منها وما زال خيالها ماثلاً في نفسي، كما أن روح عزيزنا الشاعر سيظل خالداً في عالمنا خلود شعره وذكراه.
نظمت جماعة أدباء المنصورة حفل التأبين، وأشرف عليه الأستاذ علي بك الهاكع رئيس الجماعة ومراقب التعليم بالمنصورة، وكانت مشاركة وزارة المعارف متمثلة في رئيس الحفل وكلمة وزير المعارف وحضور الأستاذ أحمد خيري بك وكيل الوزارة وفي المكان نفسه وهو المدرسة الابتدائية، وهي التي تلقى فيها الشاعر الفقيد دراسته الابتدائية.
بدئ الحفل - بعد الافتتاح بآي الذكر الحكيم - برسالة بعث بها الأستاذ علي أيوب بك وزير المعارف الأسبق، أبدى فيها الأسف لعوائق حالت بينه وبين الحضور، وقال فيها: كان فقيدنا شاعراً بفطرته وطبعه، أديباً بإحساسه المرهف وعواطفه الجياشة وذوقه المصفى، إلا دراسته للهندسة قد تركت أثرها في أدبه وشعره، ومن هنا كان شغفه بالموسيقى ونزوله على ما يقتضيه حسن الأداء وجمال التوقيع، والموسيقي تمت إلى العلوم بأقوى سبب، بل إن هذه العلوم هي أساسها الأول ودعامتها الكبرى. وكانت له ميوله السياسية واتصالاته الحزبية، ولكنه أبى إلا أن يكون قومياً في شعره السياسي مثالياً فيما ينظم أو يقول.
وأشار الأستاذ الهاكع - في كلمته - إلى اعتزاز المنصورة بشاعرها الأصيل، قائلاً أن روحه الفنية لم تقبع في موطنه وإنما فاض بسحره على البلاد العربية وامتد إلى الغرب،