[القرية المهجورة]
للشاعر أوليفر جولد سمث
أتى عليك زمان كله رغد ... يفيض فوق رباك الخير مطردا
وكان عهدك والفلاح مغتبط ... يأتي له الرزق من غلاته رغدا
لكن تنكرت الأيام وامتلكت ... هذي البلاد قساة أغلظوا الكبدا
فعطلت من ليالي الأنس أربعها ... والأهل قد هجروها، لا أرى أحدا
(أوبرن) يا لمحة السحر التي اختلست ... لقد طواك زمان كله عِبرُ
لكم رجعت إليك اليوم مكتئبا ... والنفس ولهانة والقلب منفطر
أرتاد فيك مكانا كان يؤنسه ... ظليل كوخك أو نسرينك العطر
فتملأ الذهن أفكار تراوحني ... بذكريات عهود كلها صور
لما رمت بي النوى في دار غربتها ... وذقت فيها نصيب الحزن والتعب
ركبتها ولقلبي الصب أمنية ... في أن يكون إلى (أوبرن) منقلبي
وكنت أحرص في جهدي الطويل على ... قنديل عمري حرص المشفق الحدب
ألكي أقضي في قومي بقيته ... أروي لهم كل ما لاقيت من عجب
دعوهم حول نيراني لأطرفهم ... بعد العشي بأخباري وأهوالي
كأنني أرنب في الدوِّ أفزعها ... صيد فعدت لوكري بعد إجفال
قد كنت أحلم في آفاق دسكرتي ... وكان عودي إليها جل آمالي
فذاك أحسن شيء سحر بهجتها ... وذاك خير معادا تربها الغالي
يا عزلة الريف يا مكنون روعته ... يا إلف شيخوخة الإنسان في الكبر
آها على طيب أحلام رزئت بها ... وسدتها فيك بين الماء والشجر
ما كان أصفى نعيم المرء لو ختمت ... مشيبه راحة في دوحك الخضر
يجفو الحياة وما تحويه من خدع ... غرارة ونعيم غير ذي أثر
ما كان أعذب ذاك الصوت سيرسله ... وحي المساء ليفني في أصائلك
قد كنت أمشي وئيد الخطو منتشيا ... أصغي له وهو يعلو من منازلك
والليل أرخى على الراعي ستائره ... فخب يحدو الرواعي في خمائلك