بعد أن انتهى الفرنسيون من احتلال مدينة الإسكندرية أمر نابليون بإبقاء (السيد محمد كريم) حاكماً لها حتى يخلد الأهالي إلى الهدوء والسكينة، وينصرف الجميع إلى أعمالهم
وكان نابليون يعلم تماماً أن الأهالي وعلى رأسهم (السيد محمد كريم) لم يخضعوا له إلا إذعانا للقوة المسلحة، وأنهم يتحينون الفرص للثورة على الحكم الجديد، ولذلك عمل على التقرب إليهم لينال عطفهم، ويكسب مودتهم
وقد بين لهم أنه ما جاء إلى مصر - إلا ليحارب المماليك الذين استبدوا بحكم البلاد وحرموا الفلاح المصري ثمرة خيراته، واعتدوا على التجارة وأساءوا إلى أهل البلاد بما ارتكبوا من مظالم
وأخذ نابليون يذيع منشوراته على الأهالي، ليثبت هذه المعاني في نفوسهم، ويضمن ولاءهم للجمهورية الفرنسية، كما طلب أعيان الثغر وألزمهم بجمع السلاح، وإحضاره إليه حتى لا يفكر الأهالي في المقامة المسلحة
(لقد أخذتك والسلاح في يدك، وكان لي أن أعاملك معاملة الأسير ولكنك استبسلت في الدفاع؛ لذلك أعيد إليك سلاحك وآمل أن تبدي للجمهورية الفرنسية من الإخلاص ما كنت تبديه لحكومة سيئة)
ولم يكن هذا القول من جانب نابليون إلا تقديراً منه لجهود (السيد محمد كريم) وعلمه بما يشعر به الشعب نحوه من محبة وإكبار وتقدير
وقبل أن يترك نابليون مدينة الإسكندرية، عين الجنرال (كليبر) حاكما لدائرة الإسكندرية وضواحيها) وأوصاه بأن يعمل كل ما في وسعه لاستبقاء العلاقات الحسنة مع الأهالي وإبداء كل أنواع الاحترام للعلماء ورؤساء المشايخ في المدينة)
بهذا نرى أن (السيد محمد كريم) بقي في منصبه بناء على رغبة نابليون، ولكن هذا الحاكم الوطني المحب لبلاده، المخلص للسلطان العثماني خليفة المسلمين وظل الله في أرضه، كان يشعر بالكراهية والمقت لهؤلاء الحكام الأوربيين