للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التصاوير والتماثيل في الحضارة الإسلامية]

التصوير في الكتب

لأستاذ جليل

التصوير في (الحضارة الإسلامية) في الحجر والكتاب - كثير. وإذا جد واستمر بحث النابشين وتنقيب المفتشين ظهرت نفائس مضمرات، وبدت بدائع مكنونات، وعرف الناس من آثار تلك المدنية المحمدية ما لم يكونوا قد عرفوه

وإن (كتاب الله) لم يذمم في آية من آياته تحسيناً ولا تجميلاً، ولم يحرم تصويراً ولا تشكيلاً. وهل الخط أو التسطير إلا تدبيج وتصوير؟ وهل الكتابة أصلها إلا صور؟ وهذه قصور المروانية والعباسية - والقوم حماة الدين وخلفاء المسلمين - فيها الأشكال والتهاويل

(من كل شيء يرى فيها تماثيل)

وقد زار مسلم عربي منذ أشهر قصر هشام بن عبد الملك الذي كشفه المنقبون في ناحية أريحاء من أعمال فلسطين في السنة الماضية فشاهد صوراً ناتئة لوجوه أناس عرب في بقايا الغرف والجدران

قلتُ يوماً لدار قوم تفانوا ... أين سكانك العزاز علينا

فأجابت: هنا أقاموا قليلاً ... ثم ساروا، ولست أعلم أينا

وكان في رفاقته أحد معارفه فقال مستعجباً: ما هذا؟ خليفة مسلمين، وأمام دين، وصور وتماثيل!!

فقال المسلم العربي مفاكهاً مازحاً: لم يكن (المحرم) قد نجم ودونت كتبه في أيام هشام. . .

وجاء في تاريخ بغداد لابن الخطيب في وصف دار الخلافة: (وفيها - أي دار الشجرة في دار الخلافة - شجرة في وسط بركة كبيرة مدورة، فيها ماء صاف، وللشجرة ثمانية عشر غصناً، لكل غصن منها شاخات كثيرة، عليها الطيور والعصافير من كل نوع مذهبة ومفضضة، وأكثر قضبان الشجرة فضة، وبعضها ذهب، وهي تتمايل في أوقات، ولها ورق مختلف الألوان يتحرك كما تحرك الريح ورق الشجر، ولك من هذه الطيور يصفر ويهدر. وفي جانب الدار يمنة البركة تماثيل خمسة عشر فارساً على خمسة عشر فرساً قد ألبسوا الديباج وغيره، وفي أيديهم مطارد على رماح يدورون على خط واحد في (الناورد) خبباً

<<  <  ج:
ص:  >  >>