أشرت منذ أسابيع إلى مشروع فلم سينمائي يستقي من قصة (الوعد الحق) التي وضعها معالي الدكتور طه حسين بك ونشرتها دار المعارف في يناير الماضي. والذي فكر في هذا المشروع هو الأستاذ إبراهيم عز الدين على أثر عودته من الخارج، إذ كان يدرس فن السينما في إحدى الجامعات الأمريكية، فقد قرأ القصة، ثم اتصل بمعالي الدكتور طه وعرض عليه أن يعدها للإخراج السينمائي، فوافق معاليه بعد بحث الموضوع وبعد أن اقتنع بإمكان هذا العمل.
والقصة تتعرض أولاً بالتحليل والعرض لحياة طائفة من الأرقاء والمستضعفين الذين كانوا يعيشون في مكة قبل ظهور الإسلام وعند ظهوره، وتتبعهم من منشئهم وإقبال الطارئ منهم على مكة والعناية خاصة بعلاقاتهم بسادتهم وأحلافهم وإبراز الناحية الإنسانية في هذه العلاقات، والتمهيد في ثنايا ذلك لاستقبال هؤلاء الضعفاء الدعوة الإسلامية لدى ظهورها بشوق شديد، فهم قوم صفت نفوسهم واستعدت أرواحهم لتقبل هذه الدعوة، وقد تعطشوا إليها لما رأوا من ضلال سادتهم وما أنكروا من فوضى العقائد السائدة، ولما يرجون على يدي الدعوة الجديدة من المساواة والحرية والإخاء الإنساني إذ لا يفضل أحد أحداً إلا بعمله وكفايته
وتأتي بعد ذلك الخطوة الثانية التي مهد لها، وهي ظهور الإسلام وإسراع أولئك إلى الدخول فيه. وهنا يلتفت إليهم التاريخ ليسجل في صفحاته ما أظهروه من الجلد وما أخذوا أنفسهم به من الصبر والثبات على اضطهاد طغاة قريش واستبدادهم بهم وتعذيبهم إياهم، لا يثنيهم شيء من ذلك عما أخذوا فيه ولا ينال من إيمانهم أي منال.
وتسير الدعوة في طريقها، ويقوى المسلمون، ويعز بالإسلام أولئك المستضعفون، ثم يصيرون أئمة وأمراء في الدولة الإسلامية الديمقراطية، ويتحقق ما وعدهم الله به، ووعده الحق، في قوله تعالى (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا