ذلك موضوع القصة ومرماها، وقد وفاه قلم الدكتور طه حسين حقه من التصوير الأدبي والتبيين الكتابي. والمرجو أن يبرزه فن السينما بوسائله ويدينه من جماهير الناس ليرجع بهم إلى مثل الإسلام العليا، ونرجو أن يكون الوقت قد حان لأن ننتفع بهذه الوسائل الحديثة، التي تتخذ للاتصال بالجمهور والتأثير فيه وإمتاعه بالإنتاج الرفيع، في شؤوننا الجدية وتاريخنا المجيد. ولا شك أن هذه الفترة التي تعرض لها قصة الوعد الحق هي أعظم فترة في تاريخ المسلمين. وقد رأينا على الشاشة أفلاماً كثيرة تعرض نواحي مماثلة لموضوعنا في الدين المسيحي، وهي أفلام عالمية لا يقتصر الإعجاب بها على المسيحيين وحدهم، فقد شاهدناها نحن في بلادنا وأخذنا بروعة ما تعرضه من الكفاح والصبر والثبات على الإيمان. ونحن الآن مستبشرون بهذا المشروع لعله يتمخض عن فلم يعد من هذه الأفلام العالمية فيرفع شأن الفن المصري كما يرفع شأن الإسلام والمسلمين.
ومن حيث أن الفلم يقدم شخصيات جليلة كعمار بن ياسر وأبويه وبلال وصهيب وغيرهم، فقد اقتضى الأمر أن يستأذن في ذلك رجال الدين، فأذن صاحبا الفضيلة مفتي الديار المصرية الحالي والمفتي السابق، وأظهرا استحساناً شديداً له.
وقد أعد (السيناريو) وضعه أولاً الأستاذ عز الدين، ثم راجعه معالي الدكتور طه وأقره بعد جهد كبير. وسيبدأ بالتصوير والإخراج باستديو مصر في منتصف سبتمبر القادم، ويقدر لتمام هذا العمل نحو شهرين يكون الفلم بعدهما معداً للعرض، ويجري الحوار بلغة عربية فصيحة تجمع بين السهولة وسمات اللغة التي كان يجري الخطاب بها في عصر القصة.
وهو فلم ثقافي، لا تهريج فيه ولا ابتذال بطبيعة الحال، ولكنه لن يخلو من عنصر المرح، وذلك بسخرية الحوادث من أعداء الدعوة الإسلامية، وعرض بعض مباذلهم في الحانات وما فيها من غناء ورقص القيان، كما تقدم أغان بدوية.
والذي يقرأ القصة المكتوبة يتوقع ما سيكون عليه الفلم من سبك السرد والتشويق يحسن الترتيب والمفاجآت.
وستؤخذ بعض المناظر في الحجاز، على أن أكثر المناظر سيعتمد فيها على الوصف التاريخي كدار الأرقم بن أبي الأرقم التي كان يجتمع فيها المسلمون في أول عهد الإسلام