[في الغار]
للأستاذ محمود غنيم
(ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن. إن الله
معنا)
(قرآن كريم)
مَنْ ذلك الساري على وَجْنائِهِ ... يطوي الدُّجى وَيَخُب في أحشائهِ
في قِلَّةٍ من صحبه، لكنه ... في فيْلق من عزمه ومَضائه
ما ضرَّه حَلَكُ الظلام وقلبُه ... يَتألَق الأيمانُ في أرجائه
الصبر والتّسليم حَشْوُ إِهابه ... والهم والتصميمُُ مِلُء ردائه
ينسابُ في آثاره أعداؤُه ... وحمامةٌ تنجيه من أعدائه
لو يُحْسِنُ الترحيبَ طيرٌ أعجمٌ ... هشَّ الحمام مرحَّباً بلقائه
أخفاه نسْجُ العنكبوتِ ولم تكن ... أُسْد الشرَى تقوى على إخفائه
جاء النَّفيرُ بخيله وبِرَجْلهِ ... تتزلزلُ الصحراءُ من ضوضائه
نفرت وحوشُ الغاب خشية بأسه ... ومحمدٌ كالطَّود في إرسائه
ما طوَّفت أشباحُهم بخياله ... إلا طوافَ الحُلْم في إغفائه
ضاق الفضاء بهم وصدرُ محمدٍ ... ما ضاق في اللأواء رَحْبُ فضائه
كَهْفٌ كَكِفَّةِ حابل في طِّيه ... صدر يتيه الظنُّ في بيدائه
نزلت عليه سكينةٌ من رِّبه ... ففؤاده مستسلم لقضائه
ما هَمُّهُ نفسٌ يريد نجاتها ... بل مذهبٌ يسعى إلى إعلائه
غرماءه شدوا إليه رِحالهم ... واللهُ كان أشدَّ من غرمائه
ضلُّوا فلم تأخذه أعيُنهم ... ولم تمتدَّ أيديهم إِلى إِيذائه
وكذلك شاء الله نُصرَةَ عبده ... وارتدَّ شانِئُهُ بوجهٍ شائه
ما كان أوْفى صاحبين كلاهما ... يَفدِي أخاه مرحِّباً بفدائه
سَهْلٌ عليه أن تسيلَ دماؤُه ... ويفوزَ صاحبُه بحَقْن دمائه