غار يضلّ النجمُ في دَيْجوره ... لا فرق بين صباحه ومسائه
لا يأمنان النابَ من ثعبانه ... أو يأمنان الذيلَ من رَقْطائه
لا أرضُه الجدباء مُثمرة ... ولا في صخره نَبْعٌ يجود بمائه
قضيا النهار على الطَّوى في جوفه ... وتقلَّبا ليلاً على حصبائه
قم سائل الصِّدِّيقَ ماذا صدَّه ... عن ماله وثناه عن أبنائه؟
وَعَلاَم يضربُ في المهامة هائماً ... في سيره كابن السبيل التائه؟
ما بين ليلٍ حالكِ الأسحار ... أو مُستقبَل كالليل في ظلمائه
ما بين شدة رُعبه ويقينه ... يَنْبَتُّ أو يمتدُّ حبلُ رجائه
لم يخش إلا أن يُصَابَ محمدٌ ... بأذى فيفنى دينُه بفنائه
عجبي على الصِّدِّيق، ماذا يتَّقي ... واللهُ رَبُّ العرش من رفقائه؟
ما أصدقَ ابن أبي قُحافةَ صحبةً ... لمحمد هند اشتداد بلائه
لِمَ لا يكونُ خليفةً من بعده ... أرأيت كالصِّدِّيق أو كوفائه؟
ما ضر غاراً باتُ يؤوى المصطفى ... إجدابُ واديه وضيقُ فِنائه
وَدَّت بُرُوجُ النجم لو آوَيْنه ... إذ ذاك أو شاركن في إيوائه
غارٌ على (الإيوان) جرَّ ذيوله ... عُجْباً وتاه عليه من غُلَوَائه
ما سدُّ ذي القرنينِ قيسَ به ولا ... هَرَمُ الكنانة في علوِّ بنائه
هل كان يدري الغارُ أن نزيلَه ... سيرجُّ ركنَ الأرض بعد نجائه؟
وَيُزلزل الدنيا بعزم رَفيقِه ... وثلاثةٍ كالشُّهْب من خُلفائه
فإذا رجالُ الروم بعضُ عبيده ... وإذا نساء الفرس بعضُ إِمائه
وَإِذا بدين محمد يغزو الورى ... غزو الكتائب تحت ظل لوائه
وإذا كتاب محمد مُتَغَلغلٌ ... في الكون والثَّقَلان من قُرَّائه
نجمٌ من الصحراء كان بُزوغُه ... فإِذا الحواضرُ تهتدي بضيائه
الله قدرَّ أن يُتِّممَ نورَه ... مَنْ ذا الذي يقوى على إِطفائه؟
(مدرسة فؤاد الأول)
محمود غنيم