[في ذكرى أربعين غازي في باريس]
مصرع الصقر
للأستاذ أمجد الطرابلسي
أقبل الليل من وراء الدُّهورِ ... يتهادى تهاديَ المخمورِ
دغدغ الغابَ فاستكانَ إليه ... وسرت فيه رِعشةُ المقرور
وسجا تحت جنحه يعبث النَّو ... م بأجفاِنِه كطفلٍ غَرير
مثلما نام أَرْغَبٌ تحت جنح الأ ... مّ في ظلِّ عشّهِ المضفور
أقبل الليل مثلَ أَجْنحة العقْب ... انِ أو وجهِ بائسٍ مَقهور
يسحب الخَطْو مُتبعاً ويجرُّ الذَّ ... يلَ جراًّ على بَقايا النّور
وغفا الغابُ لا زئيرُ سباعٍ ... يتعاَلى ولا هتافُ طيور
ليس إلا النَّسيم يخطرُ هَوْناً ... خَضِل العِطفُ مُثقلاً بالعَبير
يتثّنى وسْط السُّكون مُطيفاً ... بِعشاشٍ هَنيئةٍ وَوُكور
كطيوف الأحلام تسرى خفافاً ... حول عذراَء في المهادِ الوَثير
يَمسَحُ الأعْيُنَ النّيامَ رَفيقاً ... ببَلالِ الندى ونشرِ الزُّهور
ويهزُّ الغصونَ حيناً فلا تس ... معُ في الجوِّ غيرَ خفْقِ السَّفير
رقدَ الغابُ في حمى الّليل عَيّا ... نَ يَعُبُّ الكرى بطرفٍ قرير
وتلاقى الآلاّفُ فيه على الصَّف ... وِ وناموا عن كامن المقدور
رقد الغاب كلّه غيرَ عيني ... ن تَشُعّانِ في الدُّجَى المنشور
شَرَدَ النّومُ عنهما في الدّياجي ... فهما للسّهاد والتفكير
تستشفّان مُخْبَآتِ الّليالي ... وتُضيئان حالكاتِ السُّتور
يا فتىَّ الصّقور! أيُّ مرام ... يَتَصّباكَ يا فِتيَّ الصقور!
لفَّ هذا الظلامُ أترابَكَ الصِّي - دَ ببردٍ من غبطةٍ وسُرور
أسلموا الأعينَ القريرةَ للحُلْ ... مِ وناموا عن كامِنِ المقدور
وسهرتَ الظلامَ في ذروة الدّو ... حِ تُديرُ الأحداقَ في الدَّيجور
ترمقُ الغابَ تارةً فتراه ... غارقاً في سُكوِنهِ والعُطور