(القيثارة الخالدة التي غنت أروع أناشيد الجمال والحرية
والخيال. . .)
للأستاذ محمود الخفيف
- ١٨ -
حربه على القساوسة:
وأردف ملتن هذا الكتيب بكتيب ثان في يوليو سنة ١٦٤١ رد به على (أشر) أحد كبار الأساقفة، وكان كتيبه الثاني صغيرا، وقد عد رده على هذا الأسقف جرأة عظيمة ومبالغة منه في الثقة بنفسه، وذلك أن أشر كان من أوسع الأساقفة أفقا في تاريخ الكنيسة ومسائلها؛ قضى نحو ثمانية عشر عاما من عمره في هذه الدراسة حتى أصبح من أفذاذ طائفته. وقد جادله ملتن جدالا عنيفا، ولجأ إلى المنطق في مجادلته. ومن أمثلة ذلك قوله (ترجع الأسقفية إما إلى اصل إنساني أو إلى اصل الهي، فإن كانت الأولى جاز القضاء أو الإبقاء عليها حسبما توحي المصلحة، وان كانت الثانية وجب أن يقوم الدليل على ذلك من الكتاب المقدس، فانه إن لم يقم هذا الدليل فلن يكون لأي تأكيد إنساني لها أية قيمة يعول عليها)، وبعد أن يعجز ملتن خصمه بمطالبته بهذا الدليل يستعرض ما اعتمد عليه من المراجع فيسفهها ويسخر منها في لغة هي أقرب إلى السباب منها إلى النقد، ولن يخشى ملتن أن يسجل في كتيبه احتقاره لآباء الكنيسة القدامى وزرايته عليهم وعلى كل من يخالفه سواهم فيما يذهب إليه مهما يكن من خطره أو سلطانه. . .
ولم يلبث أن أعقب في السنة نفسها كتيبه الثاني بثالث، وذلك أن (هول) رد على جماعة سمكتنسي بكتيب جديد يدافع به عن كتيبه الذي سماه الإعلان المتواضع. فانبرى له ملتن وراح يسخر منه ما وسعته السخرية، وجرى في ذلك على طريقة عجيبة، فهو يورد رأيا من آراء هول ويسوقه مساق التحدي في صيغة سؤال أو اعتراض ثم يجيب عليه متهكما