للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

القوي الحر محصورا في ظلام العمي والجهل، حتى تقوى الأمة فينتشر، وينبغ فيها القادة فيزدهر. وسيعيش رجاله القلال المخلصين معتكفين في المكاتب اعتكاف النساك في الصوامع، يمثلونه على بصر الطبيعة، وينشدونه على سمع الزمن، حتى تقوى دولة الحق والجمال، فيجلسوا في الصدر ويمشوا في المقدمة).

أن الذي يقرره الأستاذ عن الصلة بين فحولة الأدب وفحولة الأمة أو الفرد صحيح؛ ولكني لا أوافقه في تشاؤمه من العصر لأنه لم يوجد فيه بعد أغسطس وبركليس والرشيد وسيف الدولة. إن الأدب لم يعد اليوم في حاجة إلى أمير يرعاه أو كبير يشجعه. لقد انتهى عهد الأمراء والكبراء. والعصر عصر الشعوب والأفراد. والأمة العربية الناهضة اليوم بمجموعها عوض عن أمراء الإقطاع في عهد سيف الدولة. فللأدب العالي أن يزهو اليوم مستقلا بنفسه، وللأدباء اليوم أن يسيروا في الأرض غير معتمدين على ذراع أمير أو كبير.

وما نظرت يوما إلى الأديب في نفسي والى أي أمير أو وزير أو كبير إلا وجدتني أكبر وأشد قوة، وإلا وجدت هذا الأمير أو الوزير أو الكبير في حاجة إلى رعايتي قبل أن أكون في حاجة إلى رعايته! وهذه هي الدعوة التي يحسن أن نهتف بها للأدب والأدباء ليرتفع بعض من لا يترفع منهم، عن الزلفى للأمراء والوزراء والكبراء.

سيد قطب

<<  <  ج:
ص:  >  >>